ربما تُصلح الكائنات الكارتونية ما أفسدته الكائنات النابضة باللحم والدم، وكونان المحقق الشهير الذي ينتمي لعالم (المانجا)الياباني لن يأتي من اليابان خصيصاً ليحقق في جرائم تؤرق مصر، فهو موجود في المنطقة العربية منذ فترة، ويتحدث العربية أيضاً، لا لأنه موكل بحل ألغاز تخص مجتمعنا العربي، ولكن لأنه تم استيراده من اليابان وتحريك لسانه بالعربية بفعل (الدوبلاج)، لكن الجرائم التي يقابلها لا تزال منتمية لبلده التي يعيش فيها، فهل دعوناه ليأتي إلى مصر ليرقب المشهد خلف نظارته دائرية العدسات، عله يكشف لنا مالم يكشفه خبراء البلد أنفسهم.

ولنتفق أنه لن يرحب به في مصر، ليس لأنه خبير أجنبي، ولكن لأنه طفل، ومَن هذا الطفل الذي سيأتي ليثبت تفوقه علينا نحن المحققين- المعتقين العتاويل!

أزمة الطفولة تلاحقه في اليابان أيضاً لأنه دائماً ما يسبق (المحقق الرسمي)في التوصل إلى الحقائق، وهو السبب في رواج عمله باعتباره محققاً فاشلاً عمل بهذه المهنة بعد تقاعده من الشرطة. ومع ذلك لا يزال المحقق الرسمي هو البطل، وكونان لا يزال يكشف الجرائم من وراء ستار.

كونان يسبق الشرطة دائماً في حل الجرائم المستعصية، ولديه نظرة فاحصة تمكّنه من ربط الوقائع بسرعة لإيجاد الجاني بالحجة والأدلة، لديه عيون ثاقبة تكشف الجاني وحيلته..

ولأن كونان محتك بواقعه فإن ظروف تواجده في أماكن غير متوقعة لحدوث الجريمة تقربه من حلها، أو قد يتواجد كونان في مكان الجريمة بعد حدوثها فوراً فلا يجد ما يجبره على إيجاد أدلة طمست،أو تقفيل القضية بتوريط أحد الأبرياء أو التوعد والتهديد بملاحقة الجاني دون فعل، ولا يجد سبباً للتصريح أمام كاميرات الإعلام بأنه ناصح وحويط وعارف بس مدكّن، و لا يجد ما يجبره على نزع اعتراف بتعذيب المجني عليه وترك الجاني..

كونان أيضاً لا يحرض على القتل لأنه مؤمن بأن دوره هو حفظ أمن الناس جميعاً وليس حفظ أمن ذوي النفوذ والسلطة. ومن المتوقع أن يجد الناس في كونان منقذاً فتخرج النداءات تطالب بتوليته وزارة الداخلية، لكني أتوقع أن يرفض كونان، لأن كونان يعتقد أن البحث عن العدالة بلا طمع في منصب سيجعله أكثر تجرداً ونزاهة، وسيعفيه من محاولة إصلاح تاريخ طويل من العداء بين توم وجيري، فهما زميلين في مهنة الكارتون وقد يعرضه ذلك أن يخسرهما معا.

وسيحزن أيضاً لأن الناس تشبثوا به، ليس لأنه الأفضل ولكن لأنه الوحيد.

Tweet