مفهوم التربية عند أفلاطون

تعتبر التربية (بالإنجليزية: Education) من الموضوعات التي تناولها الفيلسوف اليوناني أفلاطون، وقد عرفها على أنها عملية تدريب قائمة على الأخلاق، يبذل فيها الجيل الأكبر سنًا مجهودًا اختيارًا، يقوم من خلاله بتمرير ونقل كل ما في هذه الحياة من أعرافٍ فاضلة وطيبة، وحكمةٍ اكتسبها من التجارب الحياتية، إلى الجيل الأصغر سنًا.


فضلاً عن ذلك، اعتبر أفلاطون التربية وسيلةً يمكن من خلالها تحقيق العدالة، على الصعيدين الاجتماعي والفردي، واعتبر أنّ العدالة الفردية تتحقق عندما يُنجح كل إنسان في تطوير قدراته على أفضل ما يكون؛ أي أنّ العدالة في هذا السياق تعني التميز/التفوق الذي يتحقق بتحقق هذا النجاح.


وفي سياقٍ متصل، أشار أفلاطون إلى أنّ حصول الجميع في المجتمع على فرصٍ متساوية في التربية، ومنذ سنٍ مبكرة، يضمن أن يعيشوا مع بعضهم البعض في وئام وسلام؛ فالعدالة في التربية تسمح للأفراد بالتنافس بتكافؤ وإنصاف، ويتسبب انعدامها في ظهور مجتمع يسوده الظلم، بسبب وصول أشخاص غير مؤهلين وغير أكفَاء إلى المناصب السياسية؛ الأمر الذي ينجم عنه طغيانٌ في الحكم، أو تولي أقلية معينة الحكم (حكم الأوليغارشية)، أو تيموقراطية (شكل من أشكال الحكم يشترط حيازة ممتلكات من أجل تولي أحد المناصب)، أو ديمقراطية يشوبها خلل ما.[١][٢]


فلسفة التربية عند أفلاطون

على الرغم من أن المؤرخين لم يتوصلوا إلى أي دليلٍ يُثبت أنّ أفلاطون تلقى التعليم في سنٍ مبكرة، إلا أنّ عددًا من المصادر تُشير إلى أنه كان طالبًا متفوقًا، تتلمذ على يد أفضل المعلمين، حتى إنه نهل من الفلسفة ومعارفها على يد الفيلسوف اليوناني أرسطو، وعن مكانة التربية في فلسفة أفلاطون؛ فقد حظيت بتقديره، واعتبر أنها شرط لتحقيق المثالية في المجتمع والحكومة التي ترأسه، كما اعتبر التربية وسيلةً للقضاء على الشر، فهي تؤدب الأفراد وتهذبهم، وتغني عن الحاجة لسن القوانين التي تضبطهم.


علاوةً على ذلك، أكد أفلاطون على أنّ التربية ترافق الفرد طوال حياته، ولا تقتصر على مرحلةٍ عمرية دون الأخرى، وفي النقاط التالية، نستعرض عددًا من الجوانب الأخرى المهمة في فلسفة أفلاطون في التربية:[٣][٤]

  • قام أفلاطون بتطبيق التربية تطبيقًا عمليًا، من خلال قيامه بتأسيس أكاديمية أفلاطون، المعروفة كذلك بالأكاديمية، أو الأكاديمية الأفلاطونية (بالإنجليزية: Platonic Academy)، والتي كانت عبارة عن مجمعًا، استخدمه أفلاطون لتدريس الفلسفة، في الأطراف الشمالية الغربية لمدينة أثينا، وقام أفلاطون في الأكاديمية، بتدريس أصول التربية لتلاميذه، من ضمن مواضيع أخرى عديدة، كالرياضيات، وعلم الفلك، والعلوم الفيزيائية.[٥]
  • في عمله الأكثر شهرة، والذي يحمل عنوان الجمهورية (بالإنجليزية: Republic)، تطرق أفلاطون إلى مسألة التربية؛ حيث ذكر في كتابه هذا أنّ التربية هي الأداة التي يمكن باستخدامها بناء جمهورية تتسم بالعظمة، وأشار إلى أن فائدة التربية لا تقتصر فقط على التقدم والتطور العقلي عند الفرد؛ بل يمتد أثرها الإيجابي ليشمل أيضًا تطوره على الصعيدين الروحي والجسدي أيضًا.
  • اقترح أفلاطون إسناد مهمة التربية إلى الدولة المثالية، فهو يرى أنّ الفرد بهذه الطريقة يتزود بالإرشاد والنصح من المصدر الصحيح، الذي يجعله يحقق أقصى درجات التطور، والاستفادة من مواهبه، ووفقًا لاقتراح أفلاطون، يتم أخذ الأطفال وهم في سنٍ مبكرة من أمهاتهم، ويُسلمون إلى الدولة، التي تصبح مسؤولة عن تربيتهم، وتعليمهم، وإعدادهم ليصبحوا شبانًا يعون أدوارهم المستقبلية التي تتطلب منهم الحفاظ على الدولة، وقد أكد أفلاطون في السياق نفسه على أنه يجب على الدولة رعاية المواهب والميول الفكرية المميزة عند كل طالب، ولا سيما تلك المتعلقة بالموسيقى، والفن، والمهارات الجسدية.
  • بالإضافة إلى ذلك، كان أفلاطون أول من تطرق لمسألة المساواة في التربية بين كلا الجنسين، واعتبر أنّ جميع الأطفال يمتلكون قدراتٍ فطرية؛ سواءً أكانوا فقراء أو أغنياء، أو أولادًا أو بناتًا، وأنه من مصلحة الدولة مراعاة هذه القدرات والمواهب، وصقلها وتحسينها، كما اعتبر أفلاطون أيضًا أنّ مساهمة الدولة في تربية الأطفال منبثقة من رأيه الذي يرى فيه أنّ الأسرة والحي الذي ينشأ الطفل في أحضانهما ليسا أفضل مصدرٍ للتربية التي يتلقاها الطفل، بل إنّ الدولة هي الأفضل.


أهداف التربية عند أفلاطون

حدد أفلاطون عددًا من الأهداف التي يُسعى لتحقيقها من خلال التربية، وفيما يلي استعراض لها:[٢]

  • جعل الطفل ينشأ في بيئة قائمة على المُثل والقيم العليا التي فيها صلاحٌ للكل، بالإضافة إلى غرس الخير في أبهى صوره في نفسه.
  • القضاء على النزعة الفردية، التي تبث السلبية، وبالتالي تحقيق وحدة الدولة.
  • غرس الولاء في الشخصية، تجاه المبادئ والمُثل السياسية العليا، ذات الصلة بالمجتمع والدولة.
  • التركيز على تنمية وتطوير الجانب الروحي في الشخصية، بغرض تحقيق كمال النفس، وبالتالي رفع مقام الشخصية وتعزيز مكانتها.
  • رفع مكانة العقل، من خلال تشجيع الاعتماد عليه في مختلف الأمور.


المراجع

  1. regards education as a,and Plato, excellence is virtue. "Plato's philosophy of education: Its implication for current education", epublications.marquette, Retrieved 21/2/2023. Edited.
  2. ^ أ ب عبد الحكيم كرام، محـاضـرات في فلـسفة التـربـية، صفحة 16. بتصرّف.
  3. "Plato on Education", totallyhistory, Retrieved 21/2/2023. Edited.
  4. "PLATO’S THEORY OF EDUCATION EXPLAINED", througheducation, Retrieved 21/2/2023. Edited.
  5. Greek Academeia, Latin Academia,bce and used to teach. "Academy", britannica, Retrieved 21/2/2023. Edited.