يمتاز أفلاطون الذي عبّر في كتابته عن روحه اليونانية الخالصة، ومنهجه الفلسفي المنطقي المتكامل، المليء بالأسرار والتقاليد القادمة من الشرق، فشملت نظرياته وآراءه العميقة، والمتميزة بأخلاق الكمال والمثالية، وحدوث العالم، والنفس الإنسانية.[١] وكان أفلاطون فيلسوف القرن الخامس قبل الميلاد، وكان تلميذًا لسقراط ثم درّس أرسطو، وأسس "الأكاديمية" وهي برنامج أكاديمي يعتبره الكثيرون أول جامعة غربية، كتب أفلاطون العديد من النصوص الفلسفية، وكرس حياته للتعلم والتعليم، وقد أشيد به باعتباره أحد مؤسسي الفلسفة الغربية.[٢]


الولادة

ولد أفلاطون عام (428 ق.م) في أثينا، اليونان.[٣]


حياة أفلاطون

ولد أفلاطون في أجينا (جزيرة مقابلة لأثينا)، من أسرة غنية وعريقة معروفة بالمجد والشرف، فأبوه أرسطون كان أحد كبار الحكماء في عصره، تثقف أفلاطون كأحسن ما يتثقف أبناء الطبقات الراقية، تتلمذ في بداية حياته على يد السفسطائيين وعلى يد أحد تلامذة هراقليطس، فقرأ الشعر اليوناني ونظم الشعر التمثيلي، ومن ثم أقبل على العلوم فأظهر ميلًا للرياضيات، ويقال أنه أخذ الحكمة من فيثاغورس، ثم تعرف على سقراط وشهد بعض مناقشاته فأعجب به وبكتاباته، مما جعله يكره الشعر ويميل إلى الحكمة.[٤]


فلسفة أفلاطون

عرّف أفلاطون فلسفته المثالية بأنها الرغبة والسعي الدائم وراء المعرفة الشاملة التي تتخذ من العقل وسيلة أولى لها، والتي تجعل من الحقيقة أسمى أهدافها وغاياتها، فقد ابتكر أفلاطون الحوار الفلسفي (وهي دراما فلسفية كاملة المشاهد)، فعبر من خلال هذه المحاورات عن كلِّ الأفكار التي تدور في عقله، وقد أوضح في هذه الحوارات كل المُثل والمبادئ التي بنى عليها فلسفته، فتميزت الميتافيزيقا الأفلاطونية بأنها قسمت العالم إلى عالمين: عالم المُثل، وعالم الحواس، وذكر أفلاطون أن النفس البشرية سقطت من عالم يسميه بالعالم العلوي إلى العالم السفلي، أو عالم المحسوسات، وسبب هذا السقوط هو اتحاد النفس مع الجسد، ويرى أيضًا أن الحوار أو مبدأ السؤال والجواب وهو ما يسمى عنده بالديالكتيكا هو سبب تعرّف الفكر على العلم، ويرى أن علم الرياضيات هو أساس فتح الآفاق للتأمل والحقيقة أمام النفس إذا ما تعلمه الإنسان من أجل المعرفة وليس من أجل التجارة والعمليات الحسابية.[٥][٦][٧]


أفلاطون المعلم

برع الشاب أفلاطون بالعديد من المهارات ،فنبغ في الموسيقى والشعر، الرياضيات، والبلاغة، وصارع بالألعاب البرزخية، ولقبوه من قبيل السخرية بأفلاطون أي العريض لامتلاء جسمه وقوة بنيته، وحارب ثلاث معارك ونال جائزة الشجاعة، وكتب فكاهات شعرية، وغزلًا، ومأساة رباعية.[٥]


أفلاطون والحكمة اللاعقلانية

تعتبر المحاورات الأفلاطونية تجسيدًا لما يتفاعل في أعماق الفيلسوف أفلاطون من انفعالات عقلانية هدفها توعية النفوس الإنسانية الباحثة عن المعرفة الحقيقية، والادراك العقلاني الفعَّال، الذي ينقل النفوس من القوة إلى الفعل، ويصور الأحاسيس والمشاعر أدق تصوير ينسجم مع أهداف المحاورة ومنطلقها الدرامي، والنقاشي، بالإضافة إلى الشروحات العميقة التي تمهد للقارئ الفهم والوعي، ويلاحظ أن أفلاطون ذكر سقراط في أكثر محاوراته وأظهره في جميع أدوار حياته، وهو يناقش ويجادل بحسب الظروف، فناقش السوفسطائيون والحكماء والشعراء، مما جعل محاورات أفلاطون تجسد جميع تفاعلات عصره ومحيطه.[٨]


أفلاطون والمعرفة

يُعتبر أفلاطون الحكيم والفيلسوف الأوحد الذي عالج قضية المعرفة العقلانية لذاتها، وأفاض فيها من جميع جوانبها، فقد شعر بنفسه أنه بين رأيين متعارضين: رأي الهرقليطيين الذين يردون المعرفة إلى الإحساس، ويعتبرونها جزئية متغيرة مثله، ورأي سقراط الذي يضع المعرفة الحقيقية في العقل، فاستقصى أنواع المعرفة في أربعة أنواع:[١]

• الإحساس: ويعني إدراك عوارض الأجسام، أو أشباحها في اليقضة وصورها في المنام.

• الظن والتخمين: وهو الحكم على المحسوسات كما هي.

• الاستدلال: وهو علم الماهيات الرياضية المتحققة في المحسوسات.

• التعقل: وهو ادراك الماهيات المجردة من كل مادة.


مؤلفات أفلاطون

كتب أفلاطون الكثير من المؤلفات والحوارات التي ألهمت العديد من الفلاسفة والمفكرين والتي أصبحت أساسًا في الفكر الغربي الجديد ومنها:[٩]


المأدبة (في القلب): وهي حوار فلسفي ألفه في عام ٣٨٤ق.م، وتحدث فيه عن الطرق التي تمكن الإنسان من الوصول إلى الحقيقة، عبر العقل، فالقلب له وظيفة حسية تساعد الإنسان في الوصول إلى غاية الفلسفة وهي الحقيقة، وساعده في تلمُّس الجمال الحسي بشكل أفضل.


فيدون: ويعرف أيضًا بإسم (في الروح)، وهو عبارة عن حوار فلسفي من حواراته، ودار هذا الحوار في الغرفة التي انتظر فيها سقراط الموت، يحاول في هذا الحوار توضيح كيف أن الفيلسوف الحقيقي لا يخشى الموت أبدًا، لأنه مؤمن بخلود روحه، ويبرهن على ذلك من خلال إقامة مجموعة من الحجج الفلسفية.


الجمهورية: وتسمى أيضا "العدالة" هو حوار فلسفي من حوارات أفلاطون، يتألف من عشرة كتب، ويعد هذا العمل من أعماله الرئيسية في الفلسفة السياسية.




المراجع

  1. ^ أ ب مصطفى غالب، أفلاطون، صفحة 9. بتصرّف.
  2. Britannica, "Plato", Britannica, Retrieved 26/12/2021. Edited.
  3. britannica, " Plato", britannica, Retrieved 26/12/2021. Edited.
  4. مصطفى غالب، أفلاطون، صفحة 15. بتصرّف.
  5. ^ أ ب britannica, "palto", .britannica, Retrieved 26/12/2021. Edited.
  6. مصطفى غالب، كتاب أفلاطون في سبيل موسوعة فلسفية، صفحة 25-36. بتصرّف.
  7. plato.stanford.edu, "plato", plato.stanford.edu, Retrieved 26/12/2021. Edited.
  8. حنا خبّاز، جمهورية أفلاطون، صفحة 533. بتصرّف.
  9. plato.stanford.edu, "plato", plato.stanford.edu, Retrieved 26/12/2021. Edited.