fbpx

أطفال غزّة تحت سطوة المجاعة والمرض والقصف الإسرائيليّ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، من أن خطر الموت من الجوع أصبح “حقيقياً” في ظل عرقلة دخول المساعدات الإنسانية والغذائية، وأشارت أن أكثر من 80 في المئة من الأطفال في قطاع غزة يعانون فقراً غذائياً حاداً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

دخلت الحرب على غزّة شهرها الرابع، القصف اليومي يحوّل الساعات إلى انتظار قاتل، فالجيش الإسرائيليّ يقصف في أيّ وقت، الحياة والموت متداخلان، قد يحل أحدهما عوضاً عن الآخر بلمح البصر. تحمّلت أجساد الأطفال في غزة على مدار هذه الأشهر ما لا تتحمّله أجساد الكبار، من الألم والجوع والجفاف، ونقص المناعة والأمراض بالتزامن مع فصل الشتاء الذي يحتاج جملة من الاحتياطات الغذائية والمناعية، ناهيك بأن القصف الإسرائيليّ قطّع أوصال أطفال غزة، فأكثر من 10 أطفال يفقدون يومياً ساقاً أو ذراعاً حسب منظمة “أنقذوا الأطفال”.

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، من أن خطر الموت من الجوع أصبح “حقيقياً” في ظل عرقلة دخول المساعدات الإنسانية والغذائية، موضحة أن الأطفال والأسر يواجهون العنف والحرمان، داعيةً إلى تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل سريع وآمن من دون عوائق.

أكثر من 80 في المئة من الأطفال في قطاع غزة يعانون فقراً غذائياً حاداً، وذلك في ظل ما يعانيه القطاع من حرب وحصار على مدار نحو 80 يوماً، بحسب اليونيسيف. وبحسب آخر الإحصاءات الرسمية، فإن حصيلة القتلى والمفقودين في القطاع ارتفعت إلى (29313)، (22313) قتيلاً وصلوا المستشفيات، منهم (9600) طفل و(7000) مفقود، 70 في المئة منهم من الأطفال والنساء، وبهذا يكون الأطفال الفئة الأكثر تضرراً في الحرب على غزة.

الأطفال متعبون

تسرد أم خالد، إحدى المراجعات في مستشفى شهداء الأقصى لـ”درج”، معاناة طفلها الذي جاءت به للمستشفى، وعند سؤالها عن حالته الصحية والغذائية، تقول إنه يعاني من التهاب رئوي شديد، وعانت كثيراً للحصول على دواء له بعد 7 ساعات من الانتظار.

تتابع أم خالد متحدثة بحرقة، “لا يوجد حليب ولا حفاضات أطفال”، وتضيف: “منشحد من هذا علبة، ومن هذاك قنينة، ومن هذا حليب لحتى الله يرزقنا شو نسوي، الطفل بموت هو الطفل بلا حليب بعيش؟”.

تصف طفلها قائلةً بأنه أصبح شاحب اللون ونحيلاً بسبب قلة الغذاء والحليب، وتتابع قائلةً :”إلنا 80 يوم منعاني من مشكلة الحليب والأكل والخبز كل الأطفال صار عندها أمراض بسبب قلة المناعة، ما في أكل ولا أي شي أساسي وكل شيء غالي، وحليب الأطفال مقطوع من الصيدليات بالعافية لما نلاقي تنكة حليب والبامبرز غالي، كل الأطفال تعبانين وكل الأمهات يعانون”.

طبيب الأطفال في مستشفى تل السلطان في رفح محمد سلامة، يوضح لـ”درج”، أن وضع المستشفيات قد تعدى ما يسمى بالمرحلة الكارثية، هناك نقص حاد في المنظومة الصحية والقدرات الطبية والعلاجية كافة. وبسبب سوء الوضع الصحي للأطفال، يتحمّل المستشفى حالياً ثلاثة أضعاف قدراته، وتم استحداث أقسام خاصة بالأطفال تماشياً مع العدد المهول للحالات التي تصله.

ويضيف متحدثاً عن نقص في مستلزمات الأطفال كافة على مستوى التغذية والمعادن والفيتامينات التي يحتاجونها يومياً، فمناعة الأطفال تأثرت بشكل كبير وانتشرت الأوبئة نتيجة تلوّث المياه والغذاء والهواء من العوادم والحرق سواء من مخلفات الحرب أو جراء استخدام الكرتون والحطب لعمل الغذاء لأطفالهم وعائلاتهم بسبب عدم وجود غاز الطهي، دافعاً الى تدهور مناعة الأطفال بشكل كبير وتفشّي الأمراض الجلدية والأمراض المناعية والأمراض التنفسية والجهاز الهضمي بشكل كبير جداً، إذ لاحظ عدم استجابة أجساد الأطفال للعلاجات الموجودة والمتبقية، أما العلاجات المناسبة فتكاد تكون معدومة.

يؤكد  سلامة أن سوء التغذية مستقبلاً سيؤثر على الأطفال بكل شيء، إذ يؤديالى مناعة ضعيفة وأطفال هزيلين، وفي حال نجا الطفل من المرض، فسيكون جسمه ضعيفاً، ومعظم الأطفال سيعانون من الأنيميا بأنواعها كافة، سواء تلك الخاصة بنقص الحديد أو الفيتامينات أو الفوليك أسيد.

تدهور صحي

ارتفعت حالات الإصابة بالإسهال بين الأطفال تحت سن الخامسة من 48 ألفاً إلى 71 ألفاً في أسبوع واحد بدءاً من 17 كانون الأول/ ديسمبر، بما يعادل 3200 حالة إسهال جديدة يومياً.
وذكرت اليونيسف أن هذه الزيادة الكبيرة في تلك الفترة القصيرة من الوقت، تعد مؤشراً قوياً الى التدهور السريع لصحة الأطفال في غزة، فقبل تصاعد الأعمال العدائية، كان القطاع يُسجل نحو 2000 حالة إصابة بالإسهال بين الأطفال تحت سن الخامسة شهرياً. وتزيد النسبة الحالية عن هذا المعدل بنحو 2000 بالمئة.

اختصاصي الأطفال الطبيب حازم مصلح من مستشفى شهداء الأقصى في وسط غزة، يقول لـ”درج”، هناك توافد لآلاف الحالات الى قسم الأطفال في المستشفى بسبب سوء التغذية وقلة المناعة إثر تدهور الحالة الصحية والفقر المدقع الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في هذه الحرب، علماً أن المستشفى تقع في المنطقة الوسطى إلا أن معظم الحالات التي تم إدخالها وعلاجها هي من شمال القطاع ومن مدينة غزة.

يوضح مصلح أن الحالة الصحية للأطفال تؤثر على نموهم وقدراتهم العقلية والإدراكية، إذ إن جميع الحالات التي تدخل تكون بسبب الإسهال والتقيؤ والجفاف الشديد، ما يعرض الطفل للإصابة بنقص المناعة وسوء الامتصاص الشديد ونقص في أملاح الجسم، مؤكداً أن عدداً من الأطفال المصابين بهذه الحالات توفوا، وتوجد حالات عدة بحاجة الىى العناية المركزة، ولكن بسبب سوء الظروف التي يعيشها القطاع لم يتم نقلهم الى المستشفيات وقد توفوا، بالإضافة الى إصابة الكثير بالتشنجات وسوء التغذية والامتصاص والالتهابات نتيجة نقص في البروتينات الحيوانية.

أما رولا عوض، اختصاصية جراحة الأطفال في مستشفى شهداء الأقصى في وسط غزة، فتقول لـ”درج”: “قبل الحرب، كانت هناك قلة بالأصل في التنوع الغذائي للأطفال، إلا أن الحرب زادت هذا الأمر سوءاً، إذ كانت مناعة الأطفال قبل الحرب متدنية، والآن الأطفال أكثر تضرراً من الناحية المناعية من الكبار الذين يستطيعون تحمّل الجوع لفترات أكبر، لافتة إلى أن المستشفى استقبل أعداداً مهولة من الأطفال بسبب نقص التغذية، وهم في غالبيتهم لديهم نزلات معوية وجفاف”.

تشير عوض  إلى أن قسم الأطفال يستقبل في اليوم الواحد 70 طفلاً من أصل 150 مريضاً يصلون للاستقبال، والمحاليل التي تقدم للأطفال لا يمكن أن تخفف الآثار الناجمة عن نقص التغذية، ولا إمدادهم بنواقص الجسم، فلا يتوافر علاج ولا أدوية، أما المتوافر والموجود فيعطى لهم وغالباً لا يفي بالغرض.

لا أمان غذائي

يقول خبير الأمن الغذائي منصور الدلقموني لـ”درج”، إن قطاع غزة كان قبل العدوان الأخير يعاني من مشكلة في الأمن الغذائي نتيجة الحصار الاقتصادي المفروض عليه منذ فترة طويلة، فكانت مشكلة القطاع أنه منذ البداية يعاني من ذلك، والآن نتيجة ما يعانيه من هجوم مستمر والتضييق غير الأخلاقي على إمدادات الغذاء والدواء والوقود، فمن الممكن أن نقول إننا نشهد حالة انعدام كامل وتام للأمن الغذائي، والتي تؤشر الآن الى حدوث مجاعة غذائية، حذرت منها المنظمات الدوليّة.

يوضح الدلقموني أن التغلّب على المشكلة ليس سهلاً بل يحتاج الى وقت طويل حتى لو دخلت المساعدات بشكل أكبر وانتهت الحرب، فهذا ليس بالحل الكافي ولن يكون له دور كبير في حل المشكلة لأسباب عدة، متطرقاً إلى الثروة الزراعية والحيوانية التي باتت منعدمة في ظل الحرب، فلن يعود القطاع الى تصنيفه الغذائي في مستوى الأمان النسبي إلا بعد مدة طويلة لا تقل عن سنة، يتم قياسها من خلال توافر الأغذية المتنوعة للجميع بسعر مناسب وملائم. ويؤكد أن إسرائيل تستخدم سلاح التجويع خلال الحرب، وهذا منافٍ للقوانين الدولية والأخلاقية، إضافة إلى تقصير المنظمات الدولية في هذا المجال ودخول المساعدات بكميات قليلة جداً.

إعلان المجاعة

في 26 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية الأمم المتحدة، بالإعلان رسمياً أن قطاع غزة يعاني مجاعة تهدد مواطنيه بالموت بسبب “حرب الإبادة والحصار”. وأضافت في بيان لها، أن الكثير من التقارير الموثقة “تؤكد انتشار الجوع على نطاق واسع بين الأسر الفلسطينية التي تمضي أياماً كاملة من دون الحصول على أي طعام، وأن أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة يتضوّرون جوعاً”.

“أكثر من 25 في المئة من الأسر في قطاع غزة تعاني من الجوع الشديد في ظل خطر حدوث مجاعة خلال الأشهر الستة المقبلة إذا لم يتوافر ما يكفي من الغذاء والماء النظيف وخدمات الصحة والصرف الصحي”، وذلك وفقاً لتقرير يُعرف بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، قالت في تدوينة نشرها مدير شؤونها في غزة، توماس وايت، إن قطاع غزة يعاني من جوع كارثي، وإن 40 بالمئة من السكان معرّضون لخطر المجاعة، وأن “كل يوم في غزة هو صراع من أجل البقاء، بحثاً عن الغذاء والماء، الحقيقة هي أننا بحاجة إلى مزيد من المساعدات لسكان غزة، والأمل الوحيد المتبقي هو وقف إطلاق النار الإنساني”.

أما اليونيسف، فقد أوضحت أن عدداً متزايداً من الأطفال لا يحصلون على ما يحتاجونه من المواد الغذائية، ونحو 90 بالمئة من الأطفال تحت سن العامين يتناولون اثنتين أو أقل من المجموعات الغذائية وفقاً لدراسة أجرتها اليونيسف في الـ26 من الشهر الماضي ، إذ يثير الوضع المتدهور مخاوف بشأن سوء التغذية الحاد والوفيات التي تتجاوز عتبات المجاعة. 

وأعربت اليونيسف عن قلقها، خصوصاً بشأن تغذية أكثر من 155 ألف امرأة حامل وأم مرضعة وما يزيد عن 135 ألف طفل دون سن الثانية، نظراً الى احتياجاتهم الغذائية الخاصة وضعفهم.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.