دارك بولتكس للاستشارات السياسية > شؤون حكومية > اختيار ولي العهد .. انتقال جديد للسلطة يتطلب مناقشة مستقبل الكويت
سمو الشيخ مشعل الأحمد بعد أدائه اليمين الدستورية في مجلس الأمة

اختيار ولي العهد .. انتقال جديد للسلطة يتطلب مناقشة مستقبل الكويت

بعد انتقال سلسل لمسند الإمارة لسمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، تترقب الساحة السياسية والشعبية مرشح سموه لولاية العهد، في سابقة يصعب معها تخمين الرجل الجديد القادم إلى المنصب المؤهل لحكم الدولة مستقبلًا، فمعايير الاختيار “التقليدية” يبدو أنها لم تعد ملزمة في المرحلة الراهنة.

انتقال السلطة

فمسار انتقال السلطة “الأفقي” بلغ نهايته مع تولي سمو الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم، وهو آخر أبناء أمير الكويت الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح، مما يعني أن ولاية العهد ستنتقل “عموديًا” إلى صف آخر من الأسرة، ما بين ذرية الشيخ أحمد الجابر أو ذرية مبارك الكبير، وهو ما فتح باب التكهنات على مصراعيه.

وخلقت الحالة الانتقالية الجديدة التي تعيشها الدولة لمنصب الولاية، من المسار الأفقي إلى العمودي، موجة ترويج لأسماء من الأسرة الحاكمة مبنية على معايير متعددة، منها الأكبر سنا أو ابناً لأمير سابق، ولا يغيب معيار المصلحة الخاصة.

وتنص المادة ٤ من الدستور الكويتي على أن تعيين ولي العهد يكون بأمر أميري بناء على تزكية الأمير ومبايعة من أغلبية أعضاء مجلس الأمة، وحددت المادة مدّة تصل إلى سنة على الأكثر لتعيين ولي العهد، أي أن قرار “التزكية” والاختيار يبقى بيد سمو الأمير منفردًا، حتى لو خالف رغبات مجلس الأسرة الحاكمة، وهي سلطة تنظيمية داخلية للأسرة لا أثر دستوري لها.

خيارات واسعة

وضع “الانتقال العمودي” لولاية العهد قد يكون وسع الخيارات المتاحة أمام أمير البلاد، إلا أنه يمثل كذلك فرصة ذهبية لإعادة ترتيب أوراق الأسرة الحاكمة، وإعادة وضع قواعد تأسيسية جديدة للدولة، بعد سنوات طويلة من الصراعات الداخلية والسياسية في ظل وضعها المحلي الضبابي والإقليمي المتراجع، مما يتطلب معه النظر إلى منصب ولاية العهد من زاوية أبعد من الأسماء إلى زاوية متطلبات المرحلة القادمة التي يجب أن يكون لولي العهد فيها دور سياسي واقتصادي بارز.

يقول سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد في النطق السامي بعد أدائه اليمين الدستورية في مجلس الأمة “يتعين علينا اليوم ونحن نمر بمرحلة تاريخية دقيقة ضرورة مراجعة واقعنا الحالي من كل جوانبه، خصوصا الجوانب الأمنية والاقتصادية والمعيشية”.

الحب والكراهية

هناك من يرى أن الدستور الكويتي لم يوكل أي مهام لولي العهد، ومع ذلك، فإن المنصب له دور فاعل في الأسرة عبر التاريخ، وأيضاً في الساحة السياسية، ففي بداية العهد الدستوري دمجت ولاية العهد مع رئاسة الوزراء في مرحلتي الشيخ صباح السالم والشيخ جابر الأحمد، وبعد فصل المنصبين، استعان الشيخ صباح الأحمد – بعد مرضه – بولي العهد آنذاك الشيخ نواف الأحمد، وسلمه بعض اختصاصاته الدستورية، وحين تولى الشيخ نواف سدة الحكم فوض سمو ولي العهد – آنذاك – الشيخ مشعل الأحمد باختصاصات دستورية واسعة.

هذه الشواهد التاريخية تؤكد أهمية “منصب” ولاية العهد في مشاركة القيادة السياسية بإدارة شؤون الدولة، لذا، فالمسألة يجب ألا “تسطح” عبر تسويق إلكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي، فهي مرحلة تهيئة أمير المستقبل للحكم، وهذا يتطلب مناقشة مستقبل الكويت بجدية أكثر بعيدًا عن مشاعر الحب والكراهية لهذا الشيخ أو ذاك، فالدولة وشؤونها لا تدار بالعواطف.