مفهوم القانون

 مفهوم القانون

تتطلب الحياة في جماعة تنظيم سلوك أفرادها وعلاقاتهم عـن طريق وضع قواعد تبين للجميع حقوقهم وواجبتهم ، وذلك للحد من أي تداخل بين المصالح، وتجنبًا للفوضى، واختلال التوازن، وذلك لما عرف به الإنسان من أنانية وحب للذات.

فلو انعدم مثل هذا التنظيم لسادت الفوضى وشريعة الغاب، وأصبحت بالتالي الغلبـة للأقـوى، ومن ثم فقد ظهرت الحاجة إلى القانون بهدف الحد من حريات الأفراد، وإزالة ما فيها من تعارض، وللتوفيق بين مصالحهم، وذلك بعد أن استشعر الأفراد الحاجة إلى قواعد تنظم صراع المصالح بينهم، الأمر الذي من شأنه أن يـودي بالجماعـة كلها، وهو ما لا يمكن تجنبه إلا عن طريق فرض سـلوك معـين يلتـزم بـه الجميع، مما يحقق النظام والاستقرار في المعاملات.

وسنتطرق في مقالنا عن تعريف القانون، وكذلك تعريف القاعدة القانونية مع بيان خصائصها، كما نعرض لدور القانون في التنظيم الاجتماعي، وأخيراً نعرض للعلاقة بين القانون والأخلاق.

ما هو القانون ؟ 

بشكل عام على أنه مجموعة القواعد القانونية العامة والمجردة التي تحكم سلوك الأشخاص في المجتمع ، وتقترن بجزاء مادي حال ، وتلزم الدولة الناس على إتباعها ولو بالقوة عند الحاجة.

ومما لا شك فيه أن نواحي الحياة متعددة ومختلفة ومن الطبيعي أن تختلف القواعد القانونية التي تنظمها تبعا لاختلاف طبيعة وموضوعات وشكل الروابط ، والإنسان في المجتمع لا يرتبط بنوع واحد من الروابط، بل تنشأ بينه وبين غيره من الأفراد روابط كثيرة ومختلفة ، فقد تكون هذه العلاقة مالية تتعلق بالمعاملات كالبيع والإيجار ، وقد تكون سياسية تتعلق بالحقوق السياسية وكيفية ممارستها كحق الانتخاب وحق تولي الوظائف العامة.

ومن جهة أخرى قد تكون العلاقة بين شخص وآخر في المجتمع أو بينه وبين الدولة أو بين الدولة وغيرها من الدول . لكل ذلك تم تقسيم القانون بناء على طبيعة الروابط التي ينظمها إلى عام وخاص.

تعريف القانون

هو نفس تعريف القاعدة القانونية وهي ((مجموعة قواعده عامة مجردة ملزمة تنظم العلاقات بين الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين في الحال والمستقبل وتقترن بجزاء في حال مخالفتها.

تختلف النظم القانونية بين البلدان، مع تحليل اختلافاتها في القانون المقارن. في ولايات القانون المدني، تقوم هيئة تشريعية أو هيئة مركزية أخرى بتدوين القانون وتوحيده. في أنظمة القانون العام، يصدر القضاة السوابق القضائية الملزمة من خلال السوابق.

التعريف الفقهي للقانون :

مصطلح القانون يُطلق على كل قاعدة ثابتة تفيد استمرار أمـر معـين وفقاً لنظام ثابت ، فهو يستخدم للإشارة إلى العلاقة التي تحكم الظواهر الطبيعية، أو للإشارة إلى العلاقة التي تحكُم قواعد السـلوك، فيقـال: مـثلاً ، قـانون الجاذبية ، وقانون الغليان، وقانون العرض والطلب، إلا أنه في مجال العلـوم الاجتماعية وخصوصاً في مجال الدراسات القانونية ينصرف اصطلاح القانون عموماً إلى مجموعة القواعد التي تطبـق علـى الأشـخاص فـي علاقـاتهم الاجتماعية ، ويفرض عليهم احترامها ومراعاتها في سلوكهم بغية تحقيق النظام في المجتمع.

والقانون له معنيان ،أحدهما واسع والآخر ضيق. والقانون بمعناه الواسع، هو مجموعة القواعد العامة المجردة التي تهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع، والمقترنة بجزاء توقعه السلطة العامة جبراً على من يخالفها. وهـذا التعريف يشمل معه أيضاً القواعد المعمول بها في المجتمع، حتى لو كانت مـن قبيل العرف، أو الدين، أو الفقه، أو القضاء.

وفيما يتعلق بالقانون بمعناه الضيق، فهو مجموعة القواعد الملزمة التي تصدرها السلطة التشريعية بهدف تنظيم علاقات الأفراد ببعضهم البعض أو علاقاتهم بالدولة فـي أحـد مجالات الحياة الاجتماعية.

والجدير بالذكر أن كلمة “قانون” كلمة معربة يرجع أصلها إلى اللغة اليونانية فهي مأخوذة من الكلمة اليونانية   Kanunوالتي تعني العصا المستقيمة، وقد انتقلت هذه الكلمـة إلى عدة لغات منهـا، الفرنسـية   Droitوالإيطاليـة   Directorواللاتينيـة Directs والإنجليزية Law

والقانون في اللغـة العربيـة يُعرف بـالخط المستقيم الذي هو معيار كل انحراف. فكلمة القانون تستخدم معيارًا لقياس مدى احترام الفرد لما تأمر به القاعدة أو تنهاه عنه، أو انحراف عن ذلك، فإن سـار وفقًا لمقتضاه كان سلوكه قويمًا مستقيمًا، وإن تمرد عنه كان سلوكه غير قويم أو غير مستقيم.

 ومن الملاحظ أنه في الإنجليزيـة يسـتعملون كلمـة     Lawللدلالة علـى القانون، الذي هو عبارة عن أحكام مقننة تضعها وتصدرها السلطة التشـريعية في البلاد لما ترى وجوب مراعاته، وكلمة   rightليعبروا بها عن الحق، وكلمة     DROITتُستعمل في اللغة الفرنسية للدلالة على كل من كلمتي القانون والحق.

وعلاقة القانون بالحق لا يُمكن إنكارها، فالحق لا ينشأ إلا إذا أقرته واعترفت به قاعدة من قواعد القانون، وقد اختلف الفقه في تعريف الحق من مذهب إلى آخر، ولكن التعريف الأقرب إلى الصـواب هو تعريف الفقيه (دابان )  للحق ׃ إذ عرف الحق بأنه استئثار شـخص بقيمـة معينة، أو شيء معين عن طريق التسلط على تلك القيمة أو على هذا الشيء.

ويهدف القانون بصورة أساسية إلى تحديد الحقوق وبيان مداها، وكيفية اكتسابها وانقضائها. فالحق هو ثمرة القانون ونتيجته، كما أن القـانون يتمثـل عمليًا حين تطبيقه بما ينجم عنه من حقوق . فكل حق يقابله واجب، ومن هنا يتبين أن الحق والواجب هما وجهان لعملة واحدة، فلا يتصـور وجـود أحـدهما منفصلاً عن الآخر، كما أن الحق لا يوجد بغير القانون، والقانون لم يوجـد إلا لتقرير الحق، وتنظيمه، ورسم حدوده وحمايته.

تعريف القانون وأنواعه

يعتبر القانون من أهم العلوم الإنسانية التي تدرس في جامعتنا ، وبالإضافة إلى ذلك فهو أساس وقوام الدولة حيث إنه القوانين التي تنظم علاقة المواطنين ببعضهم البعض من جهة وعلاقتهم بالدولة من جهة أخرى

بالإضافة إلى بيان حقوق وواجبات المواطن ، أيضاً فإن القانون يحد من انتشار الجريمة في المجتمعات وذلك بفرض عقوبات رادعة وآلية التطبيق لها ويستطيع من خلالها القانون والدولة ضبط التصرفات للمواطنين وعدم ارتكابهم الجرائم وبالتالي تحقيق أكبر قدر من الأمن والطمأنينة لكل من يقيم داخل الدولة سواء كان مواطن أو أجنبي.

القانون هو علم اجتماعي،

موضوعه الإنسان وسلوكه مع نظائره، أعماله وردود أفعاله، وهذا موضوع ضخم، متغير المضمون، غير معروف على وجه التحديد ويصعب عرضه بدقي ينظمها كل فرد وفق رغبته ومشيئته، والا صدقت وتحققت مقولة الفيلسوف بسوط “ حيث يملك الكل فعل ما يشاءون لا يملك أحد فعل ما يشاء، وحيث لأسيد، فالكل سيد، وحيث الكل سيد فالكل عبيد “. لذاكران لابد للمجتمع من نظام يحكم العلاقات بين الناس ويفرض الأمان في المجتمع.

خصائص القاعدة القانونية :

أولا القاعدة القانونية عامة ومجردة، وثانيا أن القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية وأيضا أن القاعدة القانونية تحكم سلوك الأفراد في المجتمع ن أخيرا أن القاعدة القانونية قاعدة ملزمة.

فروع القانون تقع ضمن فرعين كبيرين ، الفرع الأول هو القانون العام ويشمل القانون الجنائي والقانون الإداري والقانون الدستوري والقانون الدولي ، والفرع الثاني هو القانون الخاص ويشمل فروع القانون المدني والقانون التجاري قانون العمل على سبيل المثال

يُعَدّ القانون وسيلة من وسائل الضَّبط الاجتماعي

وهو وسيلة أساسيَّة يُعتمَد عليها في المُجتمع لِتنظيم سلوك أفراده، وقد ورد عن الباحِث رسك باوند أنَّ القانون هو علم الهندسة الاجتماعية الذي يتم عن طريقه تنظيم علاقات الأفراد الإنسانية في المُجتمعات المُنظّمة سياسيَّاً ، إن عملية الضبط الاجتماعي وتنظيم الحريات والمصالح عبر وجود قواعد وأحكام هو ما أطلق عليه اسم (القانون) حسب الاستعمال الأكاديمي الحديث والذي يرادف مصطلحات أخرى أيضاً التي تطابق في معانيها كلمة القانون وتبحث عن غاية واحدة وهي التنظيم الاجتماعي. لذلك يعد «القانون من أهم وسائل الضبط الاجتماعي، بل هو الوسيلة الأساسية التي يعتمد عليها المجتمع المنظّم في ضبط سلوك أفراده ، إن تكرار التشكيك في مدى كفاءة القانون يعكس إحجامًا عن تكييف قواعد ومبادئ أثبتت فاعليتها عبر الزمن وتطبيقها بجدية في مواجهة التحديات المعاصرة.

استغلال القانون بطريقة غير أخلاقية

إن استغلال القانون بطريقة غير أخلاقية يستدعي استحضار الأخلاق لحماية الإنسان من الآثار المترتبة عن ذلك، فلا يمكن أن نرتقي سلم الإنسانية الحقة وقد جعلنا القيم الأخلاقية تسير وراء القانون وليست هي السابقة له، وحين تصير الأخلاق في الصدارة سنتمكن حينئذ من بناء جيل ملتزم بالقيم الأخلاقية التي تحمي الإنسان وتنتصر له من الظلم ومن كل ضرر.

ما هو القانون العام ؟

هو عبارة عن القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الأشخاص والدولة في المجتمع، وبين الدولة وغيرها من الدول والمنظمات الدولية بوصفها صاحبة السيادة والسلطة العامة.

فأي علاقة تكون فيها الدولة صاحبة سيادة وسلطان ينظم هذه العلاقة فرع من فروع القانون العام .

ما هي فروع القانون العام؟

الفرع الأول: القانون العام الخارجي( القانون الدولي العام ) والذي يتكون من مجموعة قواعد تنظم العلاقات بين الدول المختلفة وبينها وبين المنظمات الدولية والإقليمية والتي يحكم هذا القانون نشوئها ، وتحدد حقوق وواجبات الدول في حالة السلم والحرب والحياد.

الفرع الثاني: القانون العام الداخلي والذي يشمل على مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيان الدولة وعلاقاتها مع الأشخاص في المجتمع الداخلي بصفتها صاحبة السيادة والسلطة العامة ، أي القواعد القانونية التي تتصل بالسيادة الداخلية للدولة.

ما هي فروع القانون العام الداخلي؟

 ١- القانون الدستوري.

٢- القانون الإداري.

٣- القانون المالي.

٤- القانون الجنائي ويلحق به قانون أصول المحاكمات الجزائية.

وسنبين تعريف ومفهوم هذه الفروع كالآتي:

١- القانون الدستوري(الدستور): هو عبارة عن مجموعة القواعد القانونية الأساسية التي تحدد شكل الدولة ونظام الحكم ونوع الحكومة فيها وسلطاتها العامة في تكوينها واختصاصاتها وعلاقتها فيما بينها ، وتبين حقوق وواجبات الأفراد الأساسية في الدولة وعلاقتهم بسلطاتها العامة.

٢- القانون الإداري: وهو عبارة عن مجموعة القواعد القانونية التي تنظم نشاط السلطة التنفيذية (الحكومة) وسير جهازها الإداري وكيفية أداء وظيفتها الإدارية وإدارة المرافق العامة.

٣- القانون المالي(التشريع المالي): وهو عبارة عن مجموعة القواعد القانونية التي تنظم إيرادات الدولة ومصروفاتها العامة وإجراء الموازنة بينهما ( الموازنة العامة للدولة ).

٤– القانون الجنائي: وهو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم حق العقاب وتحديد الأفعال والامتناعات المعاقب عليها والعقوبات المقررة لها نيابة عن المجتمع.

ويتضمن القانون الجنائي نوعين من القواعد ، النوع الأول يشمل القواعد الموضوعية المتعلقة بموضوع الجريمة وشخص المجرم ومقدار العقوبة ويسمى (قانون العقوبات).

والنوع الثاني يشمل القواعد الشكلية المتعلقة بالإجراءات الأصولية الواجب اتخاذها عند وقوع الجريمة والتحقيق فيها وإجراء المحاكمات وإصدار الحكم وطرق الطعن إلى تنفيذ العقوبة ويسمى(قانون أصول المحاكمات الجزائية).

 ما هو القانون الخاص ؟

القانون الخاص هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات في المجتمع بين الأشخاص أنفسهم أو بينهم وبين الدولة لكن لا بصفتها صاحبة السيادة والسلطة العامة وإنما بوصفها شخصا عاديا.

ما هي فروع القانون الخاص؟

١- القانون المدني.

٢- القانون التجاري.

٣- قانون أصول المحاكمات المدنية.

٤- القانون الدولي الخاص.

٥- قانون العمل.

ما هو تعريف القانون الخاص؟

القانون الخاص هو مجموع القواعد القانونية التي تنظم العلاقات التي تنشأ بين أشخاص لا يعمل أي منهم بصفته صاحب سيادة، سواء كان جميع الأشخاص أشخاصاً عاديين أي لا يملكون السيادة أم كان بعضهم ممن يملكون السيادة، ولكنه لا يدخل في العلاقة القانونية بهذه الصفة أي باعتباره صاحب سيادة.

ما هو الفرق بين القانون الخاص والقانون العام؟

وظيفة القواعد القانونية هي تنظيم العلاقات التي تقوم في المجتمع وهذه العلاقة تتنوع بالنسبة الى الأشخاص التي تقوم بينهم. فمنها ما يقوم بين فرد وأخر ومنها ما يقوم بين الدولة ودولة أخرى وبينها وبين أحد الأفراد وتدخل الدولة في سبيل تحقيق المصالح الأساسية للمجتمع طرفا في العلاقة القانونية باعتبارها صاحبة السلطان والسيادة فتكون هذه العلاقات حينئذ خاضعة للقانون العام.

والقانون العام هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات التي تكون الدولة طرفا فيها باعتبارها صاحبة السيادة والسلطان. والقانون الخاص هو مجموعة القواعد التي تحكم العلاقات بين الأفراد بوصفهم أفرادا أو بمعنى ادج مجموع القواعد التي تحكم العلاقات التي لا تتصل بحق السيادة أو بتنظيم السلطة العامة فالدولة حين تدخل في علاقتها بصفتها شخصا معنويا عاديا لا بصفتها صاحبة السيادة والسلطان تحكمها قواعد القانون الخاص.

ما هي أهمية التفرقة بين القانون العام والخاص؟

  1. قواعد القانون العام جميعها قوانين أمره لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ولا استبعاد حكمها بالتطبيق اما القانون الخاص فقواعد غالبتها مكملة والتي يجوز الاتفاق على مخالفتها أو استبعاد حكمها.
  2. يخول القانون العام الدولة سلطات وحقوقا لا يخولها القانون الخاص بحيث تكون الدولة بمركز قوى وتميز تجاه الأشخاص العاديين.
  3. الأموال العامة المملوكة للدولة أو لاحد أشخاص القانون العام تخضع لأحكام خاصة تكفل لها حماية أكبر من تلك الحماية المقررة في القانون الخاص للأموال المملوكة ملكية خاصة.
  4. علاقة الدولة بموظفيها تحكمها قواعد القانون العام، تحديدا قانون الخدمة المدنية اما علاقة أرباب العمل بالعمال فتحكمها قواعد القانون الخاص وتحديا قانون العمل.

ما هي فروع القانون الخاص؟

يشتمل القانون الخاص على فروع أساسية هي:

 القانون المدني، والقانون التجاري، وقانون العمل، وقانون أصول المحاكمات المدنية، والقانون الدولي الخاص.

دور القانون في التنظيم الاجتماعي :

من غير الممكن أن ينشأ القانون إلا إذا كان هناك مجتمع يتولى تنظيمه وتحديد القواعد التي تنظم علاقات الأفراد فيه. وهناك في ذلك مذهبين سنعرض لهما كما يلي :

المذهب الفردي أو الحر :

يقوم هذا المذهب على تقديس حرية الفرد تقديسًا كـاملًا، وعـدها حقـًا أساسيًا من واجب المجتمع أن يبذل بالغ جهده حتى يحافظ عليها، ومن واجب القانون ألا يتدخل للحد منها إلا بالقدر الضروري فقط.

ونجد أنه في ظل المذهب الفردي أو الحر أن نطاق القانون يضيق إلى حد كبير، فهو يقتصر على الأمور التي تتطلبها تأمين الحرية لأبناء المجتمـع كافة، ومنع الناس من تجاوز بعضهم على البعض.

المذهب الاشتراكي أو التدخلي :

دعت النظريات الاشتراكية الدولة إلى التدخل في شؤون الأفراد بهدف فرض الحماية على الضعفاء من تعاظم نفوذ الأقوياء وتسلطهم، فبحسب هذه النظريات فإن القانون لا يتعين أن تقتصر مهمته على دور سلبي، بل يجب أن يؤدي دورًا إيجابيا فيتولى تنظيم علاقات الأفراد وشؤونهم على أساس عادل صحيح .

وللقانون في ظل المذهب الاشتراكي مجالات أوسع وأشمل من المجال الذي يريده أن يدور فيه المذهب الفردي بسبب أن دور القانون في الواقع لا يقتصر على تأمين الحرية للجميع وتركهم يعملون بأنفسهم، بل يقوم كذلك على التدخل في أعمالهم وشؤونهم لتنظيمهـا عنـدما تقتضـي الضـرورة أو المصلحة ذلك ومن هنا كان مبعث الاتساع الحالي لنطاق علم القانون.

القانون والأخلاق :

إذا كان القانون يهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع فليس هو وحده الذي يهدف إلى ذلك، إذ توجد إلى جواره قواعد أخرى تصبو إلى تحقيق ذات الهدف أهمها قواعد الدين، وقواعد المجاملات، وقواعد الأخلاق.

القواعد القانونية والأخلاقية :

يُمكن القول قواعد الأخلاق هي قواعد سلوكية اجتماعية يعتبرها غالبية الناس قواعد سلوك ذات طابع ملزم يتعين على الأفراد احترامهـا وإلا استحقوا سخط ونفور الناس، فهذه القواعد تهدف إلى فعل الخير والوفاء بـالعهود وغيرها من المثل العليا في المجتمع وقواعد الأخلاق هي قواعد سلوكية اجتماعية يحددها المجتمـع.

والأخلاق قـد تتأثر بالدين وبالتقاليد وبالمجاملات إلى حد لا يُمكن نكرانه، ونلاحظ أنه قـد تلتقـي القواعد الأخلاقية مع القواعد القانونية أحيانًا، ومثال ذلك إباحة المشـرع الضـرب ، والجرح ، والقتل في سبيل حماية النفس، أو الغير أو المال، وتلعب القواعد الأخلاقية دورًا هامًا في تنظيم علاقـات النـاس فـي المجتمع وتحدد سبل سيرهم وسلوكهم.

 بيد أن التفريق بين القواعـد القانونيـة والقواعد الأخلاقية لم يتم تحديده بصورة عملية سليمة وبارزة إلا في العصور الحديثـة، وخاصة في القرن الثامن عشر، أما في العصور السابقة فقد كان التداخل بينهما كبيراً إلى حد يصعب معه التفريق بينها. وفي العصور القديمة كان الدين هو المسيطر بين أغلب الشعوب، وكـان ما يأمر به الدين يعدّ في الوقت ذاته موافقاً للأخلاق وواجب الإتباع من الجانب القانوني.

أما في عصرنا الحالي فهناك تداخل كبير بين القـانون والأخـلاق إذ إن قواعد القانون في أغلبها مستمدة من قواعد الأخلاق، فالقواعد التي تأمر بعـدم شهادة الزور هي قواعد أخلاقية وقانونية في نفس الوقت.

القاعدة القانونية وقواعد الدين :

يُقصـد بالـدين مجموعـة الأحكـام والأوامر والنواهي التي أقرتها الشرائع السماوية المنزلة على الرسل والأنبياء بغرض تبليغها للناس حتى يعملوا بها. ويرتبط الإنسان المؤمن بربه بعلاقات روحيـة، والدين ينتظم عادة نوعين من القواعد : الأولى، قواعد العبادات، والثانية قواعد المعاملات :

  • قواعد العبادات : وتتعلق هذه القواعد بعلاقات الفرد بخالقه بشكل مباشر، وتتمثل في الشهادة، والصلاة، والزكاة، والحج، والصوم. وهذا النوع من القواعـد لا تتدخل فيه قواعد القانون عن قرب وإن كانت تلمسه عن بعد، مثل ما تنص عليه الدساتير من كفالة حق وحرية العبادة للجميع.
  • قواعد المعـاملات : وهي التي تتعلق بعلاقة الفـرد بغيـره مـن الأفراد، والديانات السماوية تختلف في هذا الأمر، أي في احتوائها على تلـك القواعد. فالدين الإسلامي قد اهتم بقواعد العبادات وقواعد المعاملات معاً وكذلك اهتم بالعلاقات ذات الصبغة المالية، كالبيع والإيجار والرهن وغير ذلك، فنظم أمور الدين والدنيا معاً.

ومن المُلاحظ أن المشرع يضع عادة تلك القواعد الدينيـة محل الاعتبار والاهتمام كما أنه يُطبقها بقدر الإمكان، بيد أنه لا يمكن تجاهل أن مجال المعاملات القانونية في عصرنا، مع تشعب نواحي النشاط الاجتماعي، يتسع كثيراً عن مجال المعاملات الدينية الأمر الذي تتزايـد معـه باستمرار مجالات المعاملات القانونية وقواعدها.

والقواعد القانونية تختلف عن القواعد الدينية من حيث الغاية والجزاء، فغاية الأحكام الدينية بالإضافة إلى تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمـع تنظـيم أيضاً علاقة المرء بربه، وعلاقة المرء بنفسه، كما أنه يحاسب الإنسان علـى نواياه المحضة، فكل امرئ وما نوى بحسب سريرته وذلك مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم : ” إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى”

بيد أن غاية القانون نفعية لأن قواعده تهدف إلى تنظيم سلوك الأفـراد بهدف تحقيق المساواة والأمن بين أفراد المجتمع.

وفيما يتعلق بالجزاء فإذا كانت كل من قواعد الدين وقواعد القانون لها جزاء يوقع عند مخالفة أي منهما بيد أنهما يختلفان في التوقيت والقاضي، فالجزاء القانوني هو جزاء دنيوي أي مادي توقعه السلطة العامة ، أما الجزاء الديني فهو أخروي في الدار الآخرة، لله وحده الحكم والأمر.

تاريخ الدولة الأردنية في وضع التشريعات والقوانين والأنظمة

أولاً : القانون الأساسي

وضع القانون الأساسي الأردني بعد سبع سنوات من تأسيس إمارة شرق الأردن في 16 نيسان عام 1928 وقبل وضع هذا القانون كان يتم تطبيق التشريعات العثمانية ، تم وضع القانون الأساسي الاردني من قبل بريطانيا وجاء القانون في 72 مادة ، أهم ما جاء في هذا القانون أنه ركز السلطات التشريعية والإدارية بيد الأمير عبد الله بن الحسين ، ولورثته من بعده ،واشتمل على إنشاء مجلس تشريعي وحدد صلاحيات هذا المجلس ، عالج القانون الأساسي حقوق الأردنيين وحرياتهم ، الا أنه لم يلق قبولاً كبيراً من أبناء الشعب الأردني .

ثانياً : دستور عام 1947

تم استحداث دستور عام 1947 بعد أن استقلت إمارة شرق الأردن وأصبحت المملكة الأردنية الهاشمية في 25_5_1946 ، لهذا القانون مميزات عديدة أهمها : نظام الحكم في المملكة الأردنية الهاشمية ملكي وراثي نيابي ، جعل السلطة التشريعية تتكون من مجلسين : مجلس النواب ومجلس الأعيان يشكلان معاً مجلس الأمة ، حدد عدد أعضاء مجلس النواب بعشرين عضواً، و  نص على المدة الزمنية لمجلس النواب وهي أربع سنوات ، كما حدد عدد أعضاء مجلس الأعيان وهو نصف عدد أعضاء مجلس النواب ، ويتم تعينهم من قبل الملك لمدة 8 سنوات ، وأخذ الدستور بمبدأ الفصل بين السلطات .

ثالثاً : دستور عام 1952

شهد الأردن الكثير من التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى إجراء تعديلات على دستور 1947 فتم استحداث دستور عام 1952 الذي تمت المصادقة عليه في 8_1_1952 وقد تم تعديله سنة 2011 وتضمنت تعديل 45 مادة ووضع 15 مادة جديدة وإلغاء العديد من المواد، وتتعلق التعديلات بشكل أساسي بتعزيز صلاحيات السلطة التشريعية وتحصين مجلس النواب من الحل، والنص على إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات وأن يكون الطعن في نيابة أعضاء مجلس النواب أمام القضاء العادي.

كما نصت على إنشاء محكمة دستورية وإلغاء المجلس العالي لتفسير الدستور ومحاكمة الوزراء أمام القضاء العادي ومواد أخرى اعتبرت بمثابة العودة لدستور 1952 بنسبة كبيرة.

وأبقت التعديلات على صلاحيات الملك، لا سيما منحه صلاحية تعيين رؤساء الحكومات، لكنها أعادت تقييد صلاحياته في حل البرلمان وحددتها بأحكام واضحة لا يغيب من خلالها مجلس النواب لمدة تزيد على أربعة أشهر، تجري خلالها الانتخابات أو يعود البرلمان المنحل في حال عدم إجراء الانتخابات.

تعرض الدستور الأردني لتعديل جديد في 2014، حيث أقر البرلمان تعديلات نصت على نقل صلاحيات تبعية القوات المسلحة الأردنية وجهاز المخابرات العامة للملك مباشرة، وبالتالي بات هذان الجهازان خارج ولاية الحكومة المسؤولة أمام البرلمان.

 والدستور الصادر سنة 52 مع تعديلاته هو المعمول به حالياً . جاء هذا الدستور أكثر شمولاً من الدساتير السابقة فنظم حكم الدولة ، وحقوق الأردنيين وواجباتهم ، وسلطات الدولة ، ومواد عامة ، ونفاذ القوانين ،وإلغاؤها .

ما هي أهم القوانين المعمول بها في الأردن ؟

صدر منذ عام 1900 قبل تأسيس إمارة شرق الأردن ولغاية اليوم 1412 قانوناً منها ما تم وقف العمل به وإلغائه.

أهم القوانين المعمول بها في المملكة الأردنية الهاشمية وسنذكر البعض منها .

1_ قانون العقوبات وتعديلاته رقم 16 لسنة 1960

2_ قانون أصول المحاكمات الجزائية وتعديلاته رقم 9 لسنة 1961 .

3_ قانون أصول المحاكمات المدنية وتعديلاته رقم 24 لسنة 1988.

4_ قانون البينات وتعديلاته رقم 30 لسنة 1952 .

5_ قانون التنفيذ وتعديلاته رقم 25 لسنة 2007 .

6_ قانون محاكم الصلح رقم 23 لسنة 2017 .

7_ قانون التحكيم رقم 31 لسنة 2001 .

8_ قانون محكمة الجنايات  الكبرى رقم 19 لسنة 1986

9_ قانون المالكين والمستأجرين وتعديلاته رقم 11 لسنة 1994 .

10_ قانون تشكيل المحاكم النظامية وتعديلاته رقم 17 لسنة 2001 .

11_ قانون ضمان الحصول على المعلومات رقم 47 لسنة 2007 .

12_ قانون الوساطة لتسوية النزاعات المدنية وتعديلاته رقم 12 لسنة 2006 .

13- قانون إدارة قضايا الدولة رقم 28 لسنة 2017

14 _ قانون الملكية العقارية رقم 13 لسنة 2019 .

15_ القانون المدني لسنة 1976 .

16 – قانون العمل وتعديلاته رقم 8 لسنة 1996 .

17_ قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 وهو قانون استثنائي وقد تم تفعيله في هذه الفترة لمواجهة فايروس كورونا.

ونوضح مفهوم هذه القوانين كالآتي:

١– القانون المدني: عبارة عن مجموعة القواعد القانونية التي تنظم الروابط الخاصة في الأحوال الشخصية والمعاملات المالية بين الأشخاص أنفسهم وبينهم وبين الدولة بوصفها شخصا عاديا في المجتمع ، ويتناول القانون المدني أيضا تنظيم فروع أخرى من فروع القانون الخاص .

٢ القانون التجاري: مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات الناشئة عن الأعمال التجارية بين طائفة معينة من الأشخاص في المجتمع بصفتهم تجار ، سواء أكانت هذه الأعمال التجارية برية أم بحرية أم جوية.

٣ قانون أصول المحاكمات المدنية: مجموعة القواعد القانونية التي ترشد الأشخاص على كيفية التقاضي والوصول بهم إلى حقوقهم المعتدى عليها. إذ ينظم هذا القانون القضاء وإجراءات التقاضي ، فهو قانون شكلي ينظم إجراءات سير العدالة ولا يمس أصل الدعوى ، ويبين المحكمة المختصة وكيفية رفع الدعوى إليها وإجراءات التبليغ وجريان المرافعة وطرق الإثبات وأنواع البينات وإجراءات تقديمها والاستعانة بالخبراء وإصدار الحكم وطرق الطعن في الحكم الصادر من المحكمة وكيفية اكتسابه درجة البنات.

٤- القانون الدولي الخاص : مجموعة القواعد القانونية التي تحدد المحكمة المختصة والقانون الواجب التطبيق في القضايا المشوبة بعنصر أجنبي ، وتنظيم الجنسية والموطن والمركز القانوني للأجانب وتنفيذ الأحكام الأجنبية.

٥ قانون العمل: عبارة عن القواعد القانونية التي تنظم علاقات العمل التابع الفردية والجماعية بين العامل وصاحب العامل والذي يجعل العامل في حالة من التبعية بحيث يعمل تحت إشراف وإدارة وتوجيه صاحب العمل.