3-5-2 المكسيكية.. خلطة لاتينية مع صبغة أرجنتينية!

3-5-2 المكسيكية.. خلطة لاتينية مع صبغة أرجنتينية!

10 سبتمبر 2015
+ الخط -

قدم المنتخب المكسيكي مباراة رائعة أمام نظيره الأرجنتيني، وكان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الانتصار، لولا تألق الثنائي الناري ميسي وأغويرو في اللحظات الأخيرة، لتنتهي القمة اللاتينية بالتعادل الإيجابي، مع أداء فني رفيع المقام من رفاق رافا ماركيز، المنتخب الذي يواصل إبهار الجميع، رفقة أي مدرب يقود أي مجموعة من اللاعبين، لأن في النهاية شخصية المكسيك حاضرة بقوة، أمام الكبار قبل الصغار، والخطة ثابتة لا تتغير، فتش عن الـ 3-5-2.

3-5-2
بالعودة إلى مونديال 1986 في المكسيك، انتشر اللعب بثلاثة مدافعين وخماسي في الوسط وثنائي هجومي. وفاز المنتخب الأرجنتيني باللقب تحت قيادة المدرب كارلوس بيلاردو، الطبيب الذي هاجمته الصحافة وقتها، لكنه رد قائلاً، من الصعب أن تلاعب الأوروبيين بمهاجم واحد، بالإضافة إلى تمركز لاعب إضافي في المنتصف، أمر يعطي الحرية الكاملة لدييغو أرماندو مارادونا في الهجوم، وتحولت خطة 4-3-1-2 إلى 3-5-2 أو 3-5-1-1.

عادت خطة الثلاثي الخلفي إلى الظهور مرة أخرى خلال كأس العالم 2014، لكن مع بعض التعديلات التكتيكية، كوضع كل المدافعين على خط واحد، عكس الماضي بتواجد لاعب ليبرو مع ثنائي دفاعي. كذلك تركيبة الوسط تختلف من فترة الي أخري، في الثمانينات والتسعينات، كان هناك لاعب ارتكاز صريح وثنائي يميل الي الأطراف، أما مؤخراً زاد التعقيد واختفى التخصص بعض الشيء، فالثلاثي يلعب أكثر في عمق الملعب دون الارتباط بمراكز ثابتة، كمنتخب هولندا مع فان جال، ويوفنتوس كونتي ثم أليغري، وتجارب كروية أخرى.

الخطة البديلة
يعتقد متخصصو التكتيك بأن 3-5-2 تعتبر خطة بديلة خلال السنوات الأخيرة، وأنها لا تعدو كونها مجرد "Plan B"، يستخدمها المدربون في بعض المباريات، ويتم اللعب بها في ظروف معينة فقط، نتيجة نقص تواجد الأجنحة في التشكيلة، أو الرغبة في إضافة عنصر إضافي اثناء الحالات الدفاعية، والدليل أن أليغري مدرب السيدة العجوز تحول تدريجياً إلى 4-4-2 خلال معظم فترات الموسم الماضي، وفان جال نفسه اعترف في أكثر من حديث صحافي، بأنه استخدم تركيب الثلاثي الدفاعي نتيجة إصابة لاعب الوسط ستروتمان قبل مونديال البرازيل.

تهتم كرة القدم في الوقت الحالي بإدارة خصائص الفرد، لأن اللعبة صارت أكثر تعقيداً، هناك أكثر من لاعب في كل مركز، وكل مركز في التكتيك له واجباته وأهميته، وبالتالي فكرة تغطية الهجوم والدفاع على الأطراف بلاعب واحد فقط أصبحت صعبة للغاية أمام فرق تلعب بأكثر من اسم على الأطراف، لذلك لا تلعب معظم الفرق والمنتخبات الكبيرة بهذه الخطة على المدى البعيد.

فقط المكسيك هي الاستثناء دائماً وأبداً، لأن منتخب القبعات يُصر على النجاح بهذه الطريقة، والغريب أن كل المدربين الذين أشرفوا على تدريبه بالسنوات الأخيرة استخدموا نفس الرسم الخططي، والأغرب أن معظم النتائج كانت رائعة، سواء في بطولات المونديال، أو مسابقات أميركا الشمالية، لترتبط المكسيك بـ 3-5-2، والسر يعود إلى اسم غير معروف عالمياً بالشكل الكافي، لكنه من أشهر مجاذيب المستديرة في الأميركتين، إنه ريكاردو لافولبي.

لافولبي
ريكاردو أنتونيو لافولبي، مواطن أرجنتيني من بوينس آيرس، وهو لاعب كرة قدم سابق، وكان يلعب في مركز حراس المرمى، وتنقل بين أكثر من فريق، حتى وجد ضالته في الأراضي المكسيكية، كلاعب ثم كمدرب، وقد كان مدرب منتخب المكسيك لكرة القدم في كأس العالم لكرة القدم 2006.

لعب لافولبي في مركز حراسة المرمى، ساعده فيما بعد على تقديس فكرة "البناء من الخلف"، ليضيف بعد جديد إلى طريقة لعب 3-5-2، ويقدم أداء مبهر على مستوى التحولات مع الفريق المكسيكي. استحدث ريكاردو فكرة تمديد الملعب، باستخدام رافا ماركيز كلاعب حر بين الوسط والدفاع.

في حالة الدفاع، يعود ماركيز لكي يقوم بدور المدافع الصريح، بينما في الهجوم يبدأ الهجمة ويتحول إلى "ديب لاينج" Deep Lying يخرج بالكرة من الخلف للأمام، ومع تحول الأظهرة إلى دور الأجنحة، وعمل ما يُسمّى "تمديد المستطيل"، عن طريق الليبرو بالعمق، وتحول الثنائي الدفاعي إلى دور الأظهرة، مع قيام الأظهرة بدور لاعبي الأجنحة الصريحة على الأطراف.

الحاضر



من 2006 إلى 2015، قاد المكسيك أكثر من اسم تدريبي، لافولبي، هوغو سانشيز، إريكسون، أجيري، ديلا توري، ميغيل هيريرا، وريكاردو فيريتي. ورغم كل هذه الخيارات، تبقى طريقة اللعب شبه ثابتة، مع الثبات على خطط تنبثق من الأساس، 3-5-2 في الأغلب، والطريقة "اللافولبية" هي الدليل.

بعد رحيل ميغيل هيريرا، توقع أغلب المتابعين أن المنتخب سينخفض أداءه، أو يتأثر بالصدام الشرس بين اتحاد اللعبة والمدرب غريب الأطوار، لكن أمام الأرجنتين، كل الطرق تقود إلى لعبة التمركز. يتوقف اللعب على التحرك، لأن التشكيلة والخطط مجرد مسميّات لا أكثر ولا أقل، لكن الفكرة والجوهر دائماً في التمركز والتحرك وملء الفراغات داخل الملعب، في ما يعرف بالـ Positional Play أو فن التمركز.

ماركيز بين مورينو ورييس، ثلاثي دفاعي متحرك أمام الحارس، يتقدمهم لاعب الارتكاز الدفاعي الوحيد، فازكوير في العمق، على يمينه إيكتور هيريرا، وعلى يساره جواردادو، مع دعم كلي من ظهيري الجنب جيمينيز ولايان، والكل يعمل من أجل مد الثنائي الهجومي بالكرات في الأمام، 3-3-2-2، أو 5-3-2، أو 4-4-2، وبالطبع 3-5-2، لافولبي وتلاميذه في الذاكرة دائماً.

المساهمون