خبراء يصفون قانون الدعم الطارئ بالمقتضب
خبراء يصفون قانون الدعم الطارئ بالمقتضب

في ظل عدم إقرار موازنة العام 2022، مرر مجلس النواب العراقي قانون "الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية"، في خطوة تتيح للحكومة الإنفاق على مشاريع مختلفة ذات أولوية بهدف تحقيق الأمن الغذائي والاستقرار في البلاد.

القانون الذي حددت نفقاته بـ25 تريليون دينار عراقي (حوالي 17 مليار دولار) يراه البعض "مقتضبا بشكل كبير، وفيه شيء من التناقض"، بحسب ما تحدث خبراء لموقع "الحرة"، لكنه يعتبر "حلا سياسيا" في ظل حالة الجمود السياسي بعدم تشكيل حكومة.

وقال مجلس النواب في بيان إن التصويت جرى "بحضور273 نائبا على مقترح قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية"، الذي يهدف إلى "تحقيق الأمن الغذائي وتخفيف حد الفقر وتحقيق الاستقرار المالي في ظل التطورات العالمية الطارئة".

حل سياسي 

الخبير الدستوري العراقي، ميثم حنظل، يرى أن القانون "يلامس بشكل كبير حياة المواطن العراقي خاصة عند الحديث عن مواجهة أزمة الغذاء العالمية".

وأضاف في حديث لموقع "الحرة" أن "هذا القانون لن يقدم حلا سحريا للمشاكل التي يعاني منها العراق والتي لا ترتبط بإقرار القوانين أو الموازنات بقدر ما هي ترتبط بمشاكل الفساد وإهدار الموارد خاصة في قطاعات هامة مثل الكهرباء والزراعة وغيرها من القطاعات".

ووصف حنظل القانون بأنه يشكل "حلا سياسيا في ظل جمود الأزمة السياسية بعدم تشكيل الحكومة، وهو يشكل بديلا صريحا عن الموازنة الاتحادية".

من جانبه قال الخبير الدستوري العراقي، علي التميمي، إنه رغم أن القانون يتحدث عن "الدعم الطارئ" إلا أن تفاصيله تشير إلى أولويات مختلفة في الوقت الذي كان يجب أن تركز فيه على الأمن الغذائي في الداخل العراقي.

وأوضح التميمي في رد على استفسارات "الحرة" أن "القانون جاء مقتضبا وليس فيه الكثير من التفاصيل، والذي سيفتح باب الاجتهاد في التنفيذ لمشاريع بـ17 مليار دولار، وهو ما قد يشكل إخلالا بالأسس التشريعية للقوانين".

ولفت إلى أن "القانون يتضمن تناقضا في تخصيص الأموال بحسب الجداول المرفقة"، ناهيك عن عدم تضمنه أي شيء يتعلق بفرض "الرقابة المالية على المخصصات المالية". 

الصحفي العراقي، قصي أبو الحسن، انتقد القانون عبر حسابه في فيسبوك، وألمح إلى أنه باب جديد "للفساد"، وقال "اقرأ النقطة العاشرة مصروفات طارئة ١٠٠ مليار. يعني 80 مليون دولار.. هذا المبلغ بدون عنوان ولا نص ولا جداول ولا تعليمات صرف متاح للصرف بـ(توبيب) أي شيء على أنه طارئ!!".

ما بين القانون والموازنة

ورغم مرور سبعة أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة، ما تزال الأطراف السياسية الأساسية في البلاد عاجزة عن الاتفاق على الميزانية.

وهذه الأطراف هي الإطار التنسيقي الذي يضم كتلا شيعية وازنة أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران من جهة، والتيار الصدري الذي يرأس تحالف "إنقاذ وطن" ويضم كتلا سنية وكردية، من جهة ثانية، بحسب فرانس برس.

ويوضح حنظل أن القراءة الأولى للقانون الذي أقره النواب "إيجابية" ولكن العديد من "التفاصيل مبهمة" خاصة فيما يتعلق بتنفيذ المشاريع، متخوفا من أن يصبح هذا القانون "نسخة مشوهة" من الموازنات التي وصف بعضها بـ"الانفجارية" لكثرة البنود التي تتضمنها ولكنها لم تطبيق على أرض الواقع.

ويرى أن "هذا القانون يمثل بديلا عن إقرار الموازنة"، مرجحا أننا قد لا نشهد إقرارا للموازنة الاتحادية في ظل الأوضاع السياسية في البلاد وعدم تشكيل الحكومة.

من جانبه يؤكد التميمي أن هذا القانون لا يشكل "بديلا" عن الموازنة، لأن المادة 62 من الدستور التي توجب على مجلس الوزراء تقديم الموازنة والبيانات الختامية للبرلمان لإقراره.

دستورية القانون

النائب العراقي المستقل، باسم خشان، قال في مقطع مصور بعد إقرار مجلس النواب للقانون إنه "يتضمن مخالفات كثيرة.. ناهيك عن تغيير الأرقام وإضافة فقرات جديدة بالنسبة للتخصيصات بعد اتفاق اللجنة المالية".

ويشرح أن "هذا الأمر تم بطريقة غير قانونية وغير دستورية"، مشيرا إلى أنه "سيراجع القانون للنظر في الطعن فيه بشكل كلي أو جزئي".

 

وبحسب وسائل إعلام محلية كانت المحكمة الاتحادية العليا، في 15 مايو قد ألغت مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية بناء على دعوى أقامها النائب خشان في حينها.

اللجنة القانونية في البرلمان العراقي أكدت عدم أحقيقة "أي نائب أو مواطن في الطعن بالقانون إلا من قبل الحكومة لأنها تعد طرفا خصما، وفق ما نقلت وكالة الأنباء العراقية عن تصريحات لرئيس اللجنة النائب، محمد عنوز، للعراقية الإخبارية.

وأضاف "أن المحكمة الاتحادية لن تأخذ بأي طعن يقدم من قبل نائب".

بدوره أبدى حنظل استغرابه من إقرار البرلمان للقانون "في الوقت الذي تشير فيه المحكمة الاتحادية إلى أن الحكومة الموجودة حاليا هي حكومة تصريف أعمال، وليس من حقها اقتراح مشروعات للقوانين لها أبعاد مالية خاصة وأننا نتحدث عن قانون بـ17 مليار دولار".

وأشار إلى أن العديد من المواد داخل هذا القانون قد "تتناقض" مع قوانين سارية أخرى أو حتى مع الدستور نفسه، منوها إلى أن المحكمة الاتحادية قد لا تسمح بتمرير القانون، إذ أنه ينص على سريانه منذ إقراره من البرلمان، رغم أن التشريعات تحتاج إلى المرور بمراحل دستورية من بينها نشره في الجريدة الرسمية وتوقيعه من رئيس الجمهورية ليدخل بعدها مرحلة التنفيذ أو السريان.

ويشرح الخبير التميمي أن القاعدة الدستورية تقول "إنه لا يوجد أي قانون محصن من الطعن"، ويحق لكل ذي مصلحة "الطعن بالقانون لدى المحكمة الاتحادية".

وكانت المحكمة الاتحادية العليا في 15 مايو الماضي قد أكدت أن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال، ولا يحق لها إرسال مشاريع القوانين وعقد القروض أو التعيين في المناصب العليا للدولة أو الإعفاء منها أو إعادة هكيلة الوزارات والدوائر المختلفة.

سداد الديون لإيران

ومع دخول موسم الصيف وغياب الموازنة لم تتمكن بغداد من دفع مستحقات إيران مقابل الغاز، ما تسبب بشح في الكهرباء، بحسب ما أعلن مسؤولون مؤخرا وفق وكالة فرانس برس.

ومن شأن قانون الدعم الطارئ أن يسمح للعراق بدفع مستحقات تطالب بها إيران لإعادة ضخ احتياجاته من الغاز. 

وخصص القانون 4 تريليونات دينار (نحو 2.7 مليار دولار) لتسديد المديونية الخارجية وديون استيراد وشراء الغاز والطاقة، إذ يدين العراق لإيران "بمبلغ 1.6 مليار دولار عن مستحقات الغاز"، كما أعلن وزير الكهرباء عادل كريم في مايو الماضي، وفق الوكالة.

وقال رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، الثلاثاء إن "واحدة من المشاكل التي أثرت في تأخير دفع المستحقات" لإيران "هو غياب الموازنة".

وأكد أن هذه الديون المستحقة "ما قبل عام 2020" ولذلك تم خفض التزويد، لكن إيران "وعدت بحل الموضوع وإعادة احتياجاتنا من الغاز في الأيام المقبلة".

وعلى الرغم من أنه بلد غني بالنفط، يعاني العراق من أزمة في الطاقة والكهرباء ويعتمد على إيران لتأمين ثلث احتياجاته من الغاز، ويمكن للعراق تسديد ديونه إلى إيران عبر آلية بالغة التعقيد على السلطات العراقية اتباعها للاستفادة من إعفاء من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

ina.iq
الراحل يُعدّ من أبرز الكتّاب المهتمين في مجال الثقافة الشعبية والفلكلور والدراسات التراثية في العراق | Source: ina.iq

توفي الكاتب باسم عبد الحميد حمودي، أحد أبرز الأسماء في مجال الأدب الشعبي والتراثي العراقي، الجمعة عن 87 عاماً، بعد مسيرة طويلة عكست خلالها أعماله اهتماماً كبيراً بالثقافة الشعبية والفلكلور.

ونعى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، الذي كان حمودي عضواً فيه، في بيان "رحيل الناقد والباحث القدير باسم عبد الحميد حمودي الذي فارق الحياة فجر الجمعة عن 87 عاما بعد مسيرة حافلة بالعلم والثقافة والمنجزات في مجال الفلكلور".

ويُعدّ حمودي المولود في بغداد عام 1937، من أبرز الكتّاب المهتمين في مجال الثقافة الشعبية والفلكلور والدراسات التراثية، وارتبطت مؤلفاته بدراسات الحياة الشعبية والعادات والتقاليد، مستفيداً من تنقله المستمر بين المدن التي عمل فيها مدرّساً.

بدأ اهتمام حمودي في مجال النشر في منتصف خمسينات القرن العشرين في جريدة "المجتمع" البغدادية. وبسبب النقص في المجلات العراقية آنذاك، اضطر لنشر كتاباته في مجلة "الأديب" في بيروت، وكانت تتصل كلها بالتراث الشعبي.

وعُيّن حمودي منتصف الثمانينيات رئيساً لتحرير مجلة "التراث الشعبي"، ومن أبرز مؤلفاته "سحر الحقيقة"، وكتاب "تغريبة الخفاجي عامر العراقي" الذي أُعيد طبعه في القاهرة عام 2000، و"شارع الرشيد"، و"عادات وتقاليد الحياة الشعبية العراقية".

وواصل الباحث والأديب الراحل عمله الصحافي منذ عام 2003 وحتى عام 2018 في صحيفة "المدى"، وواظب على نشر مقالات أسبوعية حتى أيامه الاخيرة في صحيفة "الصباح".