«ديوان العثمان»... قصائد تفيض بالمشاعر الوطنية والعفوية والصدق

نشر في 08-10-2014 | 00:02
آخر تحديث 08-10-2014 | 00:02
يتضمن 96 نصاً مدعماً ببعض الصور التاريخية في 420 صفحة

يضم «ديوان العثمان» مجموعة قصائد متنوعة ترصد المشاعر الوطنية، وتدعو إلى حب الانتماء بصدق وعفوية، بعيداً عن التكلف والتصنع.
أصدر المهندس عدنان العثمان الطبعة الثالثة من "ديوان العثمان"، متضمنا 96 قصيدة للشاعر عبدالله العثمان، ولمحة عن تاريخ أسرة آل العثمان، وشجرة العائلة، وبعض الصور التاريخية، توزعت على نحو 420 صفحة.

ويعود تاريخ معظم القصائد إلى خمسينيات وستينيات القرن العشرين، عبّر من خلالها الشاعر العثمان عن انطباعاته ومشاعره ورؤيته وأفكاره وآماله وتطلعاته، وإحباطاته وأحزانه تجاه قضايا تلك الحقبة من تاريخ الكويت والمنطقة.

وقد تناول في مجموعة من القصائد معاني الانتماء الوطني للكويت وهي تخوض غمار التنمية وإثبات الوجود كدولة مستقلة تسابق الزمن للحاق بركب التطور الحضاري، كما جاء في قصيدة "الإهداء" التي تصدرت الديوان الذي أهداه للكويت، حيث قال فيها:

أنت الكويت وهذا الشعب ديدنه    

يهواك قلبي وهذا الكف أرفعه

أدعو الإله بعزّ دائم أبداً

يرعاك دوماً لشعب أنت مرتعه

أما في قصيدة "أنا الكويت" التي كتبها بمناسبة عيد الوطن والجلوس، فيتغزل بمحبوبته الكويت ويصفها بالسمراء "التي تجر ثياب العز"، و"التي سلبت قلبه برقتها" إلى أن يقول:

أنا الكويت وشعبي جد متحد

فيه التضامن لا ينقاد للخلل

فليهنأ الشعب دوماً في تكتله

وليحذر الخلف في رأي وفي عمل

نداء العروبة

مشاعره الوطنية الجياشة التي تعكس مدى التوق لرؤية صروح العمران تعلو في أرجاء البلاد، وتترسخ التجربة الديمقراطية في ظل قيادة ورشيدة ووحدة الشعب وتضامنه في السراء والضراء، نجدها تعبر عن الإحباط ونوع من اليأس عندما نقرأ بعض القصائد التي تناول فيها حال العرب، وكأن التاريخ يعيد نفسه من جيل إلى جيل وتتضاعف الفرقة والخلافات والصراعات والحروب، ولذلك يكمن القول إن ما قاله العثمان بالعرب وعن العرب في الستينيات مازال صالحا حتى يومنا هذا، كما جاء في قصيدة "نداء العروبة":

يا عرب قوموا في صلاح شؤونكم

ما بالكم تمشون أسوأ خطة؟

يا للمصيبة قد أصابت جمعكم

فدعتكم بالفعل شبه الميتة

أما الغزل فكان له نصيب وافر من القصائد التي تميزت بالمزج بين التعفف وشيء من الجرأة، دون أن تتجاوز في الحالتين حدود القيم الكويتية والعربية، ودون أن يعني ذلك أكثر من خيال شاعر أراد رسم لوحة جميلة للمرأة، وذلك كما جاء في قصيدة "طيف مي":

زارت وكل نجوم الليل ترعاها

لا الأهل يدرون ولا الأشباح تخشاها

وأقبلت وهي في بشر تعانقني

العطر نكهتها والحسن جلاّها

تجربة ثريّة

وكعادة شعراء تلك الفترة تناول العثمان في قصائده جميع أعراض الشعر كالغزل والوصف والوجدانيات والحكم التي تنتشر في ثنايا القصائد التي تمثل خلاصة تجربة ثرية عاشها عبدالله عبداللطيف العثمان الذي يعد من رواد التربية والتعليم في تاريخ دولة الكويت، كواحد من المدرسين في مدرسة المباركية، وبعدها عمل معلما ومديرا لمدرسة العثمان التي أسسها مع إخوته عام 1931، كما تولى منصب مدير بلدية الكويت، وبعد تقاعده أسس مكتبا عقاريا ساهم من خلاله في التوسع العمراني لدولة الكويت خارج السور، ففتح له الله تعالى باب الرزق مدرارا في تجارة الأرض والتطوير العقاري، لكنه "ظل لربه شكورا وللناس معطاء، فأضحى من كبار رجالات العمل الخيري الكويتي الذي وصلت تبرعاته إلى مختلف أصقاع العالم".

الطبعة الجديدة

وانطلاقا من كونه ابنه والوصي على إرثه، لم يكتف المهندس عدنان العثمان  باتباع سيرة والده في أعمال الخير والتوسع المهني في التطريز العقاري، وتخليد ذكراه بإعادة ترميم بيت الأسرة وتحويله إلى متحف يحمل اسم "بيت العثمان" أصبح مقصدا للمواطن والمقيم وكبار ضيوف الكويت وزوارها، حرص المهندس العثمان على إعادة طباعة ديوان والده أول مرة عام 1993 بإصدار طبعة ثانية منقحة بعنوان "أفياء من ديوان العثمان".

وحول هذا يقول المهندس العثمان: "لقي الديوان نجاحا كبيرا لدى العائلة والأصدقاء، لكن ورغم فخري الشديد بالعمل، فإن شيئا من روح والدي افتقدته في الديوان الجديد، واليوم وقد مر 20 عاما، وها أنذا أعيد طباعة ديوان والدي الشعري محتفظا بقصائده كما كتبها هو، بجمالها وبأخطائها التي ما زادتها إلا جمالا".

ويكفي القول إن "الشعر" بالنسبة لعبدالله عبداللطيف العثمان لم يكن إلا وسيلة  للتعبير عما يحرك مشاعره من قضايا ومواقف وصور وأفكار ورؤى وهموم يصيغها في قصائد تفيض صدقا، رغم بعض "الأخطاء" العروضية، لتكون بمنزلة شهادة أراد صاحبها من خلالها التعبير عن مكنون وجدانه بعفوية وصدق، لذلك لم يلجأ إلى تنقيحها، وتركها رغم مرور الزمن تنبض بالحياة بكل معانيها.

back to top