يوم عرفة.. ركن الحج الأعظم

يوم عرفة هو خير يوم طلعت عليه الشمس .. والوقوف على صعيده الطاهر هو ركن الحج الأعظم .. ومن فاته عرفة فاته الحج .. فيه يتجمع حجاج بيت الله الحرام في زمان ومكان واحد لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى في مشهد إيماني مهيب .. رافعين أكف الضراعة طالبين المغفرة والرحمة والأمل يحدوهم أن يغفر لهم ويعودوا كيوم ولدتهم أمهاتهم.

هو يوم يباهي فيه رب العالمين بأهل عرفات أهل السماء، كما ورد في الحديث الشريف "إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شُعثًا غُبرًا."ويحمل يوم عرفة مكانة عظيمة فيقبل الله فيه الدعاء ويجيبه ويمحو عن عباده السيئات لعامين واحد مضى وآخر قادم.- صعيد عرفاتيقع عرفة على الطريق بين مكة المكرمة والطائف شرقي مكة بنحو 15 كيلو مترا وعلى بعد 10 كيلومترات من مشعر منى و6 كيلومترات من المزدلفة بمساحة تقدر بـ10.4 كيلومتر.وهو عبارة عن سهل منبسط به جبل عرفات المسمى "جبل الرحمة" الذي يبلغ ارتفاعه 30 مترا وفي وسطه شاخص طوله 4 أمتار، فيما يحيط بعرفات قوس من الجبال ووتره وادي عرنة.وجبل عرفة أو المعروف بصعيد عرفات عبارة عن سهل منبسط به جبل الرحمة، الذي يصل طوله إلى 30 مترا، وهو عبارة عن أكمة صغيرة، وعلى قمته شاخص طوله 7 أمتار ليتميز به عن بقية الجبال.وتمتد منطقة جبل عرفات على عرض ميلين "أي أكثر من 3 كيلومترا" وطول ميلين أيضا، ومحاط بسلسلة من الجبال على شكل قوس وهي: جبل نَمرة وثُوية وجبل الأراك.وذي المجاز من ناحية الحرم وعلى الحدود الأخرى سلسلة من الجبال السوداء، ويتم تحديد نهاية وبداية المنطقة بعلمين في المقدمة والنهاية.يعتبر الشاخص أو النصب فوق جبل الرحمة من معالم قصة جبل عرفة بعد أن تم استحداثه، فهو علامة لتمييز جبل عرفة والمنطقة المحددة له ليهتدي بها الحجاج، وطوله 7 أمتار حتي يتمكن الحجيج من معرفة قمة الجبل.وعلى الصخرات في الجبل وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن صلى العصر، وقال "وقفت ها هنا، وعرفة كلها موقف".- ماهو يوم عرفة؟عرفة أو عرفات مسمى واحد عند أكثر أهل العلم لمشعر هو الوحيد من مشاعر الحج الذي يقع خارج الحرم.يتوجه الحجيج إلى عرفات من مِنى بعد قضاء يوم التروية مع شروق شمس يوم التاسع من ذي الحجة والوقوف على جبل عرفة يتحقق في أي منطقة من صعيد عرفات، ويكون إما وقوفا أو جلوسا أو كان الحاج راكبا أو مستلقيا.على أن يجمع الحاج في وجوده بجبل عرفات بين النهار والليل، فأمامه من شروق شمس يوم التاسع من ذي الحجة وحتى فجر يوم العاشر من ذي الحجة.وإذا لم يتمكن من اللحاق بالجبل سوى في الليل وقبل الفجر صح وقوفه، حسبما أفادت دار الإفتاء.ويقف الحاج على جبل عرفة ويتوجه إلى القبلة ويكثر من الدعاء ويظل بها حتى بعد المغيب ثم يتجه إلى المزدلفة ليبيت بها أسوة برسول الله فهي سنة واجبة.- فضل يوم عرفةليوم عرفة فضل عظيم إذ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يوم عرفة هو أفضل يوم عند الله، وذلك في الحديث الذي رواه جابر رضي الله عنه عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوما أكثر عتقا من النار من يوم عرفة".وعندما يقف الحجاج في عرفات ينتصب أمامهم مسجد "نمرة" وهو جبل نزل به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة، ثم خطب بعد زوال الشمس وصلى الظهر والعصر قصرا وجمعا "جمع تقديم"، وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة.ولا يستحب أن يصوم الحاج في يوم عرفة ليمتلك الطاقة والقوة على إتمام شعائر الحج في هذا اليوم، ولكن عليه أن يكثر من الدعاء والاستغفار فهو يوم قبول الدعوات وصالح الأعمال ونزول الرحمة على العباد.- خطبة الوداع يوم عرفةحج الرسول صلى الله عليه وسلم حجة واحدة هي حجة الوداع وفيها ألقى الرسول صلى الله عليه وسلم خطبة يوم عرفة من جبل الرحمة، وفيها نزل الوحى بقوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا"، وكانت في 9 من ذى الحجة للسنة العاشرة هجرية. وقد وصى النبى الكريم عليه السلام في خطبته تلك عموم السلمين بمجموعة من الوصايا أولها التنبيه إلى حرمة القتل وحرمة الدماء كما أوصى بالنساء خيرا وحذر من الربا. ومما ورد عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم في تلك الخطبة: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله، اللهم اشهد، اللهم اشهد ثلاث مرات". ثم صلى الظهر والعصر بأذان وإقامتين ولم يصل بينهما شيئا ثم أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر، ثم أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعا وكبر وهلل حتى قبل طلوع الشمس، بعدها خرج إلى أن وصل الجمرة فرماها بسبع حصيات، فجعل يكبر مع كل حصاة منها، ثم انصرف إلى المنحر فنحر الهدي، ثم ركب رسول الله فأفاض إلى الحرم فصلى الظهر وشرب من ماء زمزم.- "يوم التروية" .. أول مناسك الحجيتوجه حجاج بيت الله الحرام يوم الثامن من ذي الحجة إلى صعيد منى لقضاء يوم التروية اقتداء بسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم – محرمين على اختلاف نسكهم، متمتعين وقارنين ومفردين. ويستحب التوجه قبل الزوال - أي قبل الظهر - فيصلي بها الحجاج الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرا للصلاة الرباعية وبدون جمع، ولا فرق في ذلك بين أهل مكة المكرمة وغيرهم.والسنة أن يبيت الحاج في منى يوم التروية، ومن الأعمال في هذا اليوم أن الحاج المتمتع يستحب أن يحرم من مسكنه في ضحى يوم التروية، وكذلك الأمر لمن أراد أداء فريضة الحج من أهل مكة المكرمة. ويقوم الحاج في يوم التروية بالاغتسال والتطيب، وبما قام به من أعمال عند إحرامه من الميقات، وعقد النية بالقلب، وترديد التلبية بقول "لبيك حجا"، وإذا كان الحاج يحج عن غيره ينوي بقلبه، ثم يقول: "لبيك حجا عن فلانٍ أو عن فلانة"، ثم يستمر في التلبية قائلا: "لبيك اللَّهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".- "مشعر منى".. مجمع الحجاجيقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد سبعة كيلو مترات شمال شرق المسجد الحرام وهو مشعر داخل حدود الحرم، وهو واد تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية ولا يسكن إلا مدة الحج، ويحده من جهة مكة المكرمة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي محسر. يتجمع وفود الرحمن في "مشعر منى" سنويا في أيام معدودات طمعا وأملا في نيل مغفرة رب العباد، وفيه رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فيه فدي إسماعيل عليه السلام، وشهدت أرضه بيعتي العقبة الأولى والثانية وفيه بني مسجد العقبة.  ويرجع المؤرخون تسمية "مِنَى" إلى أنها أتت لما يراق فيها من الدماء المشروعة في الحج، وقيل لتمني آدم فيها الجنة، ورأى آخرون أنها لاجتماع الناس بها، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس مِنَى.ويقضي الحجاج بمِنَى يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ويستحب فيه المبيت تأسيا واتباعا لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون ما يحتاجون إليه، وفي هذا اليوم يذهب الحجيج إلى مِنَى ،إذ يصلي الناس الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرا بدون جمع.  ويعود الحجاج إلى مِنَى صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة بعد وقوفهم على صعيد عرفات الطاهر، يوم التاسع من شهر ذي الحجة ومن ثم المبيت في مزدلفة. ويقضون في مِنَى أيام التشريق الثلاثة لرمي الجمرات الثلاث مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، ومن تعجل في يومين فلا إثم عليه. 

Katen Doe

فاطمة حسن

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

المزيد من تقارير منوعة

شم النسيم .. حكاية أقدم الأعياد المصرية

بالفسيخ والرنجة والبصل والبيض الملون .. يحتفل المصريون بواحد من أحد الأعياد التاريخية التي ينفرد بها المصريين وهو "شم النسيم"...

عيد العمال .. من الكفاح والإضراب إلى الاحتفال

احتراما للطبقة العاملة وتقديرا لقيمة العمل والعمال .. يحتفل العالم مطلع شهر مايو من كل عام بـ"عيد العمال" .. تأكيدا...

فرنسا بلد السحر والجمال .. في انتظار الشعلة الأولمبية

في رحلة استثنائية تستمر نحو شهرين .. تبحر خلالها الشعلة الأولمبية باتجاه فرنسا على متن سفينة "بيليم" في أخر مراحل...

في اليوم العالمي للابتكار .. دعوة للإبداع في حل مشاكل المجتمع

توظيف ملكات الإبداع في حل المشكلات ومواجهة التحديات، وتحويل أفكار المبتكرين إلى منتجات قابلة للتسويق بصورة تنافسية، من أبرز أهداف...