ــالنشرةتقارير

جزيرة سقطرى وجهة التوسع الإماراتي في اليمن

مرآة الجزيرة

 نشرت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي تقريرا لجورجيو كافيرو، الرئيس التنفيذي لشركة (Gulf States Analytics)، والتي تعنى بالمخاطر الجيوسياسية. حيث تطرق كافيرو إلى أهمية موقع أرخبيل سقطرى اليمني في خليج عدن على بعد 150 ميلاً من القرن الإفريقي.

ولفت الكاتب إلى الدور الذي دأبت على لعبه الإمارات منذ العام 2015، تاريخ إعلان “التحالف” عدوانه على اليمن واضعا إياه في إطار السعي لتحقيق الفصل المنهجي للأرخبيل اليمني وإدارته كجزء من الأراضي الإماراتية، عملاً بالسياسة التوسعية المتبناة في أبو ظبي.

ويذكر كافيرو أنه في مايو/أيار 2017، أقر المسؤولون في الإمارات بأن جنودهم شاركوا في تدريبات “مكثفة” في سقطرى بعد سنوات من الشائعات حول مثل هذه الأنشطة الإماراتية في الأرخبيل. كما قامت الإمارات ببناء مدينة زايد السكنية الممولة من الهلال الأحمر الإماراتي في سقطرى، والتي ذكرت وسائل الإعلام الإماراتية أنها أعطت “الأمل لمئات العائلات التي فقدت منازلها” خلال إعصار في نوفمبر/تشرين الثاني 2015. ومع ذلك، فإن الوجود الإماراتي المتزايد في سقطرى ساهم في تدهور العلاقات بين أبوظبي وحكومة عبد ربه منصور هادي حينها. ففي فبراير/شباط 2017، أشار هادي إلى الإمارات على أنها “قوة احتلال في اليمن وليست قوة تحرير”، بحسب وصفه.

وبحلول عام 2018، أنشأ الإماراتيون قاعدة عسكرية في سقطرى. حيث اتهمت حكومة هادي غير الشرعية في يونيو/حزيران 2020، اتهمت المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، بشن “انقلاب شامل قوّض مؤسسات الدولة” في سقطرى من خلال “أسلحة مختلفة متوسطة وثقيلة، استهدفت مؤسسات الدولة وممتلكات المواطنين، واقتحام المخيمات والمقار الحكومية أيضًا.”

لفت الكاتب في تقريره إلى طبيعة سقطرى المتمايزة في المنطقة، لناحية كونها تمثل وجهة نائية للسائحين المغامرين. واعتبر أن الإمارتيون حاولوا  توسيع إمكانات السياحة البيئية، ما سمح للسائحين بالسفر إلى سقطرى مباشرة من أبوظبي على متن شركة طيران إماراتية، العربية للطيران، وحتى على التأشيرات التي تمنحها الإمارات العربية المتحدة نفسها، ما يقوض السيادة اليمنية تمامًا.

أكد كافيرو أن الاحتلال الإماراتي للأرخبيل اليمني، لم يثير غضب اليمنيين فقط، بل أغضب “السعوديين”، شراكاءهم في “التحالف”، الأمر الذي دفع بالتوترات للخروج إلى العلن، خاصة بعد إنشاء القاعدة العسكرية الإماراتية في سقطرى. واعتبر معدّ التقرير أنه في الوقت الذي انصب تركيز النظام السعودي في اليمن على “الحرب ضد الحوثيين، بهدف طردهم من صنعاء”، كان الإماراتيون يسعون لتحقيق مصالحهم الجيوستراتيجية عبر المناطق الساحلية الجنوبية لليمن.، مثل عدن وسقطرى.

ونقل عن إليزابيث كيندال، وهي خبيرة رائدة وباحثة أولى في الدراسات العربية والإسلامية في كلية بيمبروك بجامعة أكسفورد قولها : “يعطي موقف الإمارات بشأن سقطرى مؤشرًا آخر على أن الإمارات قد حولت سياستها في اليمن بعيدًا عن الأهداف الأصلية للتحالف الذي تقوده السعودية للتركيز بدلًا من ذلك على مصالحها التجارية والاستراتيجية والأمنية.” وتضيف: “سقطرى هي جوهرة في تاج اليمن. إنّ ممارسة الإمارات لنفوذها على سقطرى، التي تقع على المحيط على بُعد مئات الكيلومترات من أي خطوط جبهات [على الأراضي الرئيسية اليمنية]، يشير إلى أنها تنتقي انخراطها في اليمن لخدمة أجندتها الخاصة.”

الطموحات التجارية

يقول أندرياس كريج، الأستاذ المساعد في كلية الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج لندن: “بالنسبة لدولة الإمارات، من المهم للغاية أن يتحكموا في نقاط الاختناق.” وهذا يعني قيام موانئ دبي العالمية، وهي شركة لوجستية متعددة الجنسيات مقرها دبي، “بالتحكم في محطات الحاويات في عدن، أو في مجموعة متنوعة من الموانئ الأخرى في هذا الجزء من العالم،” ويضيف كريج: “أو أن يكون لها قاعدة عسكرية أو بحرية، مثلما فعلت الإمارات في عصب [في إريتريا]، وفي سقطرى، وفي أماكن أخرى في جنوب اليمن، مثل عدن، [وفي] شمال أرض الصومال وبونتلاند،” على الجانب الآخر من خليج عدن. “توجد هذه السلسلة من اللآلئ التي تدعم مصالح الإمارات.”

تدخل الصين في إطار تفكير أبوظبي أيضًا، حيث أن الممرات الملاحية حول جنوب اليمن وسقطرى هي مركز ثقل في التجارة العالمية. على المدى الطويل، الإماراتيون مصممون على وضع أنفسهم كشريك يجب أن تعمل معه الصين لتعزيز مبادرة الحزام والطريق الضخمة في منطقة القرن الأفريقي وحولها. ونظرًا لأن مشاريع البنية التحتية الضخمة في الصين “تعبر هذا الجزء من العالم إلى أوروبا، فإن الإمارات هي أساسًا الشريك الرئيسي،” وفقًا لكريج. “الصينيون مجبرون على العمل مع الإمارات.”

ويضيف: “هنا تتمحور فكرة إنشاء القليل من الاعتماد المشترك حيث تحتاج القوة العظمى، الصين، إلى العمل مع القوة الصغيرة أو المتوسطة، الإمارات. أصبحت هذه الشبكات وسيلة لتعزيز مكانة الإمارات.”

كما تظهر “إسرائيل” في الصورة، وفقاً للكاتب، وذلك “مع وجود تقارير حول “وصول وحدات استخبارات إسرائيلية إلى الأرخبيل ووجود خطط واضحة لإنشاء قاعدة استخبارات إماراتية إسرائيلية مشتركة في سقطرى”. مبيّنا أن ما ورد قد يكون نتيجة أخرى غير متوقعة لاتفاقات “إبراهام”، حيث تتوافق المصالح “الإسرائيلية “والإماراتية في خليج عدن.

مزاعم “الانسحاب”

أكد كافيرو في تقريره على “تلقي الفصائل اليمنية، مثل لواء العمالقة الموالي للحكومة اليمنية والجماعات المسلحة التي تعمل تحت مظلة المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، تدريبات ومعدات وأموالًا من أبوظبي”. لافتاً إلى أن القائمون على هذه الميليشيات هم وكلاء يمنيون للإمارات، ما يعدّ دليلا على أنها لم تتخلَّ عن اليمن أو تنسحب من الحرب على الإطلاق. ويضيف “يستخدم الإماراتيون الحرب بالوكالة وأشكال مختلفة من الدبلوماسية لتعزيز مصالحهم في جنوب اليمن وفي سقطرى، حيث أن وجود قوات المجلس الانتقالي الجنوبي يؤكد على هذه الحقيقة”.

واستشهد كافيرو بما صدر عن الكسندرا ستارك، وهي باحثة أولى في مؤسسة نيو أمريكا: “بينما سحبت الإمارات بعض قواتها من اليمن في عام 2019 ردًا على ضغوط المجتمع الدولي، إلا أنها ظلت نشطة في اليمن، من خلال عدد صغير من القوات الإماراتية المتبقية وكذلك من خلال دعمها للميليشيات الجنوبية.”

وبحسب كريج، “لا تزال هناك قوات إماراتية في اليمن على الأرض—قوات خاصة ومستشارون ومدربون، ولكن بالنسبة للجزء الأكبر، تم تقليص التواجد العسكري الإماراتي في الوقت الحالي إلى حرب بالوكالة.”

ويتطرق كافيرو في ختام تقريره، إلى الدور الأميركي الخجول في الملف اليمني ربطا بالتطورات في أوكرانيا، مؤكدا أن سقطرى تغيب عن تفكير واشنطن. معربا عن رأيه بالقول “لكن الحرب في أوكرانيا يجب أن تذكّر الولايات المتحدة بالدروس التي تنطبق على سيطرة الإمارات على سقطرى”.

ويلفت جورجيو كافيرو إلى وجود آثار استراتيجية في المنطقة، إذ قد تكون واشنطن أكثر حرصًا على الانتباه إلى سقطرى إذا سهّلت الإمارات لاحقًا وصول الصين إلى الأرخبيل. يقول كريج: “عندما يتعلق الأمر ببناء هذه الشبكات البحرية والتجارية، فإن الإمارات تدعم في معظمها المصالح الصينية. ربما يكون هذا هو مصدر القلق الرئيسي لدى الأمريكيين في هذه المرحلة. لكن الولايات المتحدة، في الوقت الحالي، لا تنظر إلى البعيد. كل ما يفعله الأمريكيين يتعلق بمراحل من سنتين إلى أربع سنوات. الأمريكيون لا ينظرون إلى السنوات العشر أو العشرين القادمة، وهذا ما تفعله الإمارات. إنهم يلعبون لعبة طويلة.”

إذا استخدمت الإمارات نفوذها في نهاية المطاف على سقطرى لفتحها أمام الصين وربما روسيا، التي لها علاقاتها الخاصة مع المجلس الانتقالي الجنوبي وشراكة قوية مع أبوظبي، فإن مثل هذه النتيجة ستكون من صنع واشنطن، وفقا لكافيرو. حيث استعانت الولايات المتحدة إلى حد كبير بمصادر خارجية في سياستها الخارجية في اليمن من خلال “السعوديين” والإماراتيين، مع الاستمرار في تسليح كليهما.

مستشهدا بفترة رئاسة باراك أوباما، إذ فعلت واشنطن الكثير لتشجيع الإماراتيين، ليس فقط للتدخل في اليمن ولكن أيضًا لضم هذه الجزر اليمنية للإمارات.

لمتابعتنا على وسائل التواصل الاجتماعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى