عندما نفكر في اللبنات الأساسية للمادة نفكر في الذرات، ولكن في القرن الخامس قبل الميلاد، كان للفيلسوف اليوناني أفلاطون فكرة مختلفة عن مسألة المادة، فقد اعتقد أن الكون مصنوع من التراب والهواء والنار والماء وأن لكل منها له شكل هندسي محدد، وبالنسبة للتراب، كان هذا الشكل هو المكعب.
في القرن التاسع عشر، توصل جون دالتون إلى أول نموذج ذري حديث وأصبح مفهوم أفلاطون للمكعب مجرد ذكرى، لكن الآن يقول العلماء أنه ربما كان على حق طوال كل تلك السنين.
وبحسب موقع «ساي تك ديلي» ففي بحث جديد نشر بمجلة وقائع الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم، استخدم فريق من جامعة بنسلفانيا الأمريكية، وجامعة بودابست، ودبرتسن المجريتين، الرياضيات والجيولوجيا والفيزياء لإثبات أن متوسط الشكل للصخور على الأرض هو الشكل المكعب.
ويقول دوجلاس جيرولماك، عالم الفيزياء الأرضية من جامعة بنسلفانيا: «يُعرف أفلاطون على نطاق واسع بأنه أول شخص يطور مفهوم الذرة، أي فكرة أن المادة تتكون من مكون صغير غير قابل للتجزئة إلى أجزاء أصغر.. لكن هذا النموذج من أفلاطون كان نظريا فقط، ولا يوجد شيء حول فهمنا الحديث للذرات مستمد مما أخبرنا به أفلاطون».
وأضاف: «الشيء المثير هنا هو أن ما نجده مع الصخور أو التربة أن هناك أكثر من ارتباط نظري يعود إلى أفلاطون، والذي اتضح أن مفهومه عن تكون التربة من المكعبات، هو حرفيًا نموذج المتوسط الإحصائي للتربة.. وهذا أمر مذهل».
بدأ البحث عندما طور عالم الرياضيات جابور دوموكوس من جامعة بودابست للتكنولوجيا والاقتصاد نماذج هندسية تنبأت بأن الصخور الطبيعية ستتفتت إلى أشكال مكعبة.
وتشاور دوموكوس، مع اثنين من الفيزيائيين النظريين - فيرينك كون، خبير في التجزئة، وجانوس توروك ، خبير في النماذج الإحصائية والحاسوبية.
وأدرك الباحثون، أن هذا يمكن أن يكون اكتشافًا كبيرًا، فأخذوا نتائجهم إلى جيرولماك للعمل معًا على الأسئلة المتعلقة بالفيزياء الأرضية، مثل: «كيف تسمح الطبيعة بحدوث ذلك؟».
يتذكر دوموكوس، قائلاً: «عندما أخذنا هذا إلى جيرولماك.. قال: هذا إما خطأ، أو أنه خطأ كبير».
ويقول دوموكوس: «لقد عملنا وبحثنا بشكل عكسي لمحاولة فهم الفيزياء التي تؤدي إلى هذه الأشكال».
وأوضح دوموكوس: «هذه الورقة هي نتيجة لثلاث سنوات من التفكير والعمل الجاد ، لكنها تعود إلى فكرة أساسية واحدة».
وأضاف: «إذا كنت تأخذ شكلًا متعدد السطوح ثلاثي الأبعاد ، فقم بتقسيمه بشكل عشوائي إلى جزأين ثم قطع هذه الأجزاء مرة تلو الأخرى، ستحصل على عدد كبير من الأشكال المختلفة متعددة السطوح. ولكن في المتوسط، سيكون الشكل الناتج للشظايا هو مكعب».
ولم يكتشفوا فقط أن المكعبات هي ما ينتج عندما تتكسر صخور كوكبنا إلى أجزاء، ولكن هذا النمط الرياضي يحدث حول النظام الشمسي أيضًا، كما في سطح القمر السادس لكوكب المشترى المسمى «أوروبا»، والذي يشبه الفسيفساء.
يقول جيرولماك: «التجزئة هي عملية تحدث في كل مكان للعمل على تفكيك المواد الكوكبية، النظام الشمسي مليء بالجليد والصخور التي تتحطم بلا توقف. هذا العمل يعطينا دليلا على تلك العملية التي لم نرها من قبل».
وبمجرد أن تم وضع النماذج الرياضية الخاصة بالفريق، قاموا بقياس مجموعة متنوعة من مئات الصخور التي جمعوها للدراسة، وآلاف أخرى من الأبحاث السابقة.
