يتَسم شهر ذو الحِجّة الفضيل بأيامه المُباركة التي فضلّها الله - عز وجل - عن سائر أيام السنة الهجرية، فيُضاعف فيها الأجر والثواب ويتقرب العِباد لربّهم بالأعمال الصالحة، ويسعى كل منهم لاكتساب الحسنات في تلك الأيام المُباركة، ولقد اختصّ الله - تبارك وتعالى- أول عشرة أيام من الشهر بالفضل العظيم وقدَّسَهم وأقسمَ بهم في كتابه العزيز فقال: (وَالفَجْرِ - وَلَيَالٍ عَشْر) - (سورة الفَجر).
كما وُرِدَ عن فضل تلك الأيام العظيمة في آيات أُخرى من القرآن الكريم، منها قوله تبارك وتعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) - (سورة الحَجّ). وعن ابن عباس - رضي الله عنه - إن المقصود بالأيام المعلومات هُنا هي الأيام العشر من ذي الحِجّة كما سميت بأيامٍ معدوداتٍ لما وُرد في الآية الكريمة، (واذكروا الله في أيامٍ معدوداتٍ) - سورة البقرة، فيغتنم المسلون تلك الفُرصة العظيمة من كل عام لعبادة الله وفعل كل عمل صالح يُقربهم إليه، ومن أعظم تلك الأيام هو يوم عرفة.
موعد عيد الأضحى ووقفة عرفة - أجازة العيد الكبير - صلاة العيد
اعرف أكثر عن يوم عرفة
يوم عرفة هو يوم من أفضل أيام السنة عند المُسلمين جميعاً، ويُوافق اليوم التاسع من شهر ذي الحِجّة المُبارك، وهو الذي يسبق يوم النحر، وهو واحد من الأشهُر الحُرُم الذي حُرِّم فيه على المُسلمين القِتال، ويتَسم يوم عرفة بالعديد من الشعائر الدينية وأهمها مناسك الحَجّ الأكبر، ففيهِ يقِف الحُجّاج على جبل عرفات وهو ما يُعدّ رُكناً من أهم أركان الحَجّ، فلا يصِح الحَجّ إلا به، فمن فاته الوقوف بعرفة قد فاته تأدية الحَجّ بأكمله، فيقول الله تبارك وتعالى: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)، فيُستدل بهذه الآيات على وجوب الوقوف بعرفة، ويأتي الوقوف بمُزدلفة بعده، فمع شروق شمس اليوم التاسع من ذي الحِجّة يبدأ يوم عرفة، ويمتد إلى فجر يوم النحر وهو أول أيام عيد الأضحى المُبارك، وينتهي يوم عرفة تحديداً مع دخول وقت صلاة فجر يوم النحر، فينتهي الحُجّاج من الوقوف بعرفات في ذلك الوقت.
وبالنسبة لبداية وقوف الحُجّاج على عرفات فاختلفت فيه أقوال المذاهب الإسلامية الأربعة؛ فيرى الحنفية والشافعية أن أوله زوال شمس يومَ عرفة.
ويرى المالكية أن وقت الوقوف على جبل عرفات يكون ليلاً، وأن الوقوف عليهِ نهاراً أمر واجب تركه بغير عُذر.
ويرى الحنابلة فيرون بأن وقت الوقوف يبدأ من طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النَحر، وذلك بعد صلاة الفجر في منى التي تَبعُد 7 كيلومترات عن مكة، ويَقع جبل عرفة شرق مكة على الطريق الربط بينها وبين الطائف بحوالي 22 كيلومتراً، وعلى بُعد 10 كيلومترات من مشعر مَنى، و6 كيلومترات من مزدلفة، وهو المشعر الوحيد الذي يقع خارج حدود الحرم، وبالنسبة لغير الحاج ينتهي يوم عرفة بغروب شمس اليوم التاسع من ذي الحِجّة.
تعددت أقوال فُقهاء الإسلام في سبب تسمية يوم عرفة بذلك الاسم، كالآتي:
يتفق المُسلمون جميعاً على فضل يوم عرفة العظيم، ومِن الأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضل يوم عرفة ما رواه أبو هُريرة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: (إن الله يُبَاهِي بأهل عرفات أهل السماء، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً غبراً)، وما روتهُ عائشة -رضي الله عنها - عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: (ما من يوم أكثر من أن يُعتَق الله فيه عبيداً من النار مِن يومَ عرفة، وإنه ليدنو يتجلى، ثم يُباَهِي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم)، وسوف نتناول فضائل هذا اليوم العظيم فيمَا يلي:
يحرص المسلمون غير القادرين على تأدية فريضة الحَجّ على صيام يومَ عرفة لما فيه من فضل وبركة إجابة للدعاء، فيتقرب العِباد في ذلك اليوم إلى الله -تبارك وتعالى- بكل عمل يُحبه، وما أعظم من عبادة الصِيام لله عز وجل، كما يواظب المُسلمون على صيام هذا اليوم لما ورَد عنه أنّه يكفر سنتين من ذنوب العبد، ويُستدل على ذلك بقول النبيّ - عليه الصلاة والسلام - عندما سُئِل عن صيام يوم عرفة فقال: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ).
كما جاء عن النبيّ - عليه الصلاة والسلام - أنّه نهى عن صوم يوم عرفة للحُجاج الواقفون بعرفات، فلا يَجُوز للحاج صيامه، واُستدل على ذلك بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان مُفطِراً حينما وقف في يوم عرفة.
يمكنك الاطلاع على: