أطفال لاجئي الروهينغا: استجاية اليونيسف لحالة الطوارئ في بنغلاديش

لقد وفّرت اليونيسف وشركاؤها لأكثر من 100 ألف شخص إمكانية الحصول على مياه الشرب المأمونة عن طريق حفر الآبار أو تأمين المياه المنقولة بالشاحنات.

اليونيسف
محمد ياسين، ,واحد من بين الأطفال اللاجئين الروهينجا الذين يعيشون في الملاجئ.
UNICEF/UN0135698/Brown
25 أيار / مايو 2018

في الأسابيع الستة التي تلت اندلاع العنف في ولاية راخين في 25 آب/أغسطس 2017، عبَر أكثر من نصف مليون شخص - أي ما يعادل تقريباً عدد سكان لاهاي أو مانشستر - الحدود بين ميانمار وبنغلاديش. وانضمُّوا إلى أكثر من 200 ألف آخرين ممّن توافدوا في تدفُّقات سابقة عبر الحدود. كثيرون منهم وصلوا دون أن تكون حيلتهم سوى الثياب الممزّقة على ظهورهم.

نحوَ 60 بالمئة من اللاجئين هم من الأطفال. وقد انفصل العديد منهم عن أسرهم أو فرّوا بأنفسهم. وقد تكبّد الجميع خسائر فادحة.

ومع استمرار العنف في ميانمار، تزداد أعدادهم واحتياجاتهم. إنَّ خطر تحوّل هذه الأزمة الإنسانية إلى كارثة إنسانية أمر حقيقيٌّ تماماً.

وتعمل اليونيسف في الميدان مع السلطات البنغلاديشية والشركاء للمساعدة في تلبية الاحتياجات العاجلة للاجئي الروهينغا.

ولكنَّ حجم التحدّي هائل. فهذه الأزمة الإنسانية هي الأسرع نمواً في العالم اليوم - ويجب على العالم أن يستجيب لها.

يقول أنتوني ليك المدير التنفيذي لليونيسف: "إنَّ هذه الأزمة تسلبهم طفولتهم". ويردِف قائلاً: "وعلينا ألا ندعها تسلبهم مستقبلهم في الوقت ذاته".

واستباقاً لمؤتمر إعلان التبرعات الدولي الذي سيُعقد في 23 تشرين الأول/أكتوبر في جنيف، تحثّ اليونيسف الجهات المانحة على الاستجابة فوراً إلى متطلَّبات خطة الاستجابة الإنسانية المحدّثة في بنغلاديش التي أطلقتها الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية. وتدعو إلى جمع 434 مليون دولار، من ضمنها 76.1 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الفورية لأطفال الروهينغيا الذين وصلوا مؤخراً، إلى جانب أولئك الذين وصلوا قبل تدفق اللاجئين الأخير، والأطفال في المجتمعات المُضيفة الضعيفة.

UNICEF

الاستجابة

يقول إدوارد بيغبيديه، ممثل اليونيسف في بنغلاديش: "المخاطر المروّعة التي يواجهها الأطفال هنا واضحة للعيان". "يستحيل تجاهل أنهم يعيشون في العراء مع نقص شديد في الإمدادات من الغذاء والمياه الصالحة للشرب والصرف الصحّي، وخطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه وغيرها من الأمراض".


الحماية

أبلغت النساء والأطفال الفارون من ولاية راخين في ميانمار إلى بنغلاديش عن تعرّضهم لأعمال عنف وحشية، أو أنهم شهدوا هذه الأعمال، وهي روايات تشير إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

ولا ينتهي الخطر الذي يتهدّد حياة الأطفال بعد عبورهم الحدود.  فهناك أخطار أخرى تكمن في وضع المخيمات غير المنضبط، بما في ذلك المُهرِّبون وغيرهم ممن يتطلعون إلى استغلال الأطفال والضعفاء وإساءة معاملتهم.

وتوفّر المساحات الصديقة للطفل التي تدعمها اليونيسف بيئة وقائية تحمي الأطفال الضعفاء من العنف وسوء المعاملة والاستغلال.  كما أنها تؤويهم من الفوضى وتمنحهم الفرصة للَّعب والتعلّم وأن يحيوا كأطفال. لقد تمّ حتى الآن إنشاء 97 مكان ثابت ومتنقل، وأكثر من 300 مجموعة للمراهقين تؤدّي وظيفة مماثلة في كلٍّ من المخيمات والمجتمعات المضيفة.

وبوصفها أولوية قصوى، فقد تم التعرّف حتى الآن على 882 طفلا غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عنهم. ويدير العاملون الاجتماعيون المدرَّبون هذه الحالات ويزوّدون الأطفال بالرعاية الاجتماعية، ريثما يتم اقتفاء أثر أُسَرهم.

 

UNICEF/UN0119956/Brown

في 6 أيلول/سبتمبر 2017، لاجئون روهينغيا وصلوا حديثاً من ميانمار يخوضون عبر حقول الأرز والأراضي المغمورة بعد فرارهم عبر الحدود إلى كوكس بازار في بنغلاديش.


توفير المياه الصالحة للشرب والنظافة الصحية

لقد وفّرت اليونيسف وشركاؤها لأكثر من 100 ألف شخص إمكانية الحصول على مياه الشرب المأمونة عن طريق حفر الآبار أو تأمين المياه المنقولة بالشاحنات.

ولكننا ما نزال نواجه تحدّياً هائلاً لتلبية الحدّ الأدنى من المعايير الإنسانية الدولية، فهناك حاجة لتسعة ملايين لتر من المياه الصالحة للشرب يومياً لتلبية المتطلبات الأساسية لشعب الروهينغا والمجتمعات المضيفة المتضرّرة. وهذا ما يكفي لملء أربعة أحواض سباحة أوليمبية تقريباً.

كما يجب إقامة الآلاف من المراحيض لتلبية حالة الطوارئ، وذلك لحماية الروهينغا والسكان المضيفين على حدٍّ سواء من الأمراض المنقولة عن طريق المياه، كالإسهال والكوليرا، التي قد تحدث حينما يلوّث البراز مصادر المياه.

كما أن هناك حاجة ملحّة لتقديم لمجموعات النظافة الصحية، إلى جانب العناصر البسيطة والحيوية مثل صفائح نقل المياه.

UNICEF/UN0119122/Brown

في 5 أيلول/سبتمبر 2017، تستعد أسر الروهينجا التي وصلت حديثا لبناء مأوى في مخيم كوتوبالونغ المؤقت في كوكس بازار، بنغلاديش.


عدم الاستسلام للمرض

تشكّل مخيمات اللاجئين المزدحمة التي تحتوي على كميات محدودة من المياه النظيفة وعددٍ محدودٍ من المراحيض أرضيّةً خصبةً أكيدة لانتشار العدوى بالأمراض المنقولة عن طريق المياه وغيرها. والآثار المترتبة على الأطفال مثيرة للقلق على وجه الخصوص.

تقول مايا فانديننت، مديرة الصحة في اليونيسف في بنغلاديش: "ما يزيد الأمور سوءاً أنه وحسب ما نعلم فإنَّ 3 بالمئة فقط من الأطفال القادمين من ميانمار يحصلون على التطعيم المناسب، سواء ضد الحصبة أو شلل الأطفال أو أمراض الطفولة الرئيسية الأخرى".

وتمثّلت الخطوة الأولى في تحصين 250 ألف طفل ضدَّ الحصبة والحصبة الألمانية التي بدأت بالانتشار في الأسابيع الأولى من الأزمة. وتلّقَّى الأطفال دون سن الخامسة قطرات شلل الأطفال ومتمّمات فيتامين (أ) أيضاً. وأعقبت هذه الحملة حملة تطعيم أوسع لحماية اللاجئين والمجتمعات المضيفة من خطر الإصابة بالكوليرا، وتمّ فيها الوصول إلى 565 ألف رجل وامرأة وطفل في الأيام السبعة الأولى.


مكافحة سوء التغذية

ومع وصول الوافدين الجدد من مناطق في ميانمار ذات معدلاتٍ مرتفعة من سوء التغذية، فقد تم تحديد بعضهم على أنهم يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم (SAM) – وهي حالة مهدّدة للحياة تحتاج إلى علاج عاجل. وقد عالجت اليونيسف والشركاء حتى الآن ما يقرب من ألفِ طفل.

تقول مسؤولة التغذية في اليونيسف منيرة بارفين: "استناداً إلى الفحوص التي قمنا بها، فإننا نقدّر أنَّ ما تصل نسبته إلى 6 في المئة من الأطفال حديثي الوصول في بعض المستوطنات العشوائية يعانون من حالات سوء التغذية الحاد".  وتُردِف: "هذا الأمر مثيرٌ للقلق".

UNICEF/UN0126672/Brown

في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2017، تكشف لوحات مرسومة بأقلام الشمع الملوّنة لصبي روهينغي عن التجارب المروعة التي تعرض لها أثناء فراره من ميانمار إلى بنغلاديش.


مواصلةُ التركيز على التعليم

يحتاج أكثر من 453 ألف طفل من اللاجئين والمجتمعات المضيفة الذين تتراوح أعمارهم بين 4 وَ18 عاماً إلى مكان للتعلُّم.

وتعتزم اليونيسف الوصول إلى 150 ألف طفل من الروهينغا وَ50 ألفاً من أطفال المجتمعات المضيفة الذين تتراوح أعمارهم بين 4 وَ14 عاماً، في حين سيتم دعم الباقي من قبل شركاء آخرين في القطاع.

يقول إدوارد بيغبيديه، مُمثِّل اليونيسف في بنغلاديش: "من الأهمية بمكان أن يكون لهؤلاء الأطفال الذين عانوا كثيراً في هذه الأزمة إمكانية الحصول على التعليم في بيئة آمنةٍ ومواتية".  ويضيف: "هذا الأمر بالغ الأهمية ليس فقط لرفدِهم بمعنى الحياة الطبيعية الذي هم في أمس الحاجة إليه، ولكن ليتمكّنوا من بناء مستقبلٍ يتطلعون إليه".

خارج أحد المراكز التعليمية، تنتظر ليلى بيغوم خروج اثنين من أطفالها. عاشت هي وزوجها الصياد في بنغلاديش لمدة 10 سنوات، وهما يتقاسمان الآن مأوى الخيزران البسيط مع سبعة أقارب فرُّوا من ميانمار في الأسابيع الأخيرة.

تقول بيغوم: "إذا تعلّموا، فسيتمكّنون من أن يعيشوا حياتهم بشكل صحيح". يقول زوجها نور علم موافقاً: "أينما ذهبنا، يحتاج الأطفال إلى المعرفة".

 

يعبر لاجئو الروهينجا.
UNICEF/UN0136204/LeMoyne
في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2017، يعبر لاجئو الروهينجا، ضمنهم نساء وأطفال، من ميانمار إلى بنغلاديش.